حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع الخامس: اشتراطهم الإضمار في بعض المعمولات، والإظهار في بعض

صفحة 293 - الجزء 3

  ظاهراً، ومرفوع الفعل المضارع ذي النون لا يكون غير ضمير المتكلم، وجَوَّزَ في قوله [من الوافر]:

  ٨١٦ - نُطَوْفُ مَا نُطَوْفُ ثُمَّ نأْوِي ... ذَوُو الأمْوَالِ مِنَّا وَالْعَدِيمُ

  إلَى حُفَرٍ أَسَافِلُهُنَّ جُوفٌ ... وَأَعْلاهُنَّ صُفَّاحٌ مُقيم

  كون «ذوو» فاعلاً بفعل غيبة محذوف، أي: يَأْوي ذوو الأموال، وكونه وما بعده توكيداً على حد «ضُرِبَ زَيْدٌ الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ».

  تنبيه - من العوامل ما يعملُ في الظاهر وفي المُضمر بشرط استتاره وهو «نعم»


  من عطف الجمل لأمر عطف المفردات لأن مرفوع فعل الأمر الخ. قوله: (لا يكون غير ضمير المتكلم) أي: ولو عطف أنت في المثال الثاني على الضمير المستتر لكان المضارع المبدوء بالنون رفع ضمير المخاطب مع أنه لا يرفع إلا ضمير المتكلم وهذا تعليل لقوله، وكذا قال في لا نخلفه، وأما قوله قبل لأن فعل الأمر فراجع لقوله ليسكن زوجك الخ. قوله: (وجوز) أي: ابن مالك قوله: (إلى حفر) أي: القبور. قوله: (جوف) أي: واسعة. قوله: (صفاح) هي الحجارة العريضة. قوله: (أي يأوي ذوو الأموال الخ) أي: وليس قوله ذوو الأموال فاعلاً لنأوي لأن الفعل المضارع المبدوء بالنون لا يرفع إلا ضمير المتكلم وحده أو معه غيره.

  قوله: (توكيداً) أي: الضمير نأوي. قوله: (على حد ضرب زيد الظهر والبطن) اعلم أنهم أجازوا فيه التأكيد كما ذكره، وأجازوا فيه البدل وهو بدل البعض من الكل لكن يستفاد من المعطوف والمعطوف عليه معاً معنى كله فيجوز أن يكون ارتفاعهما على البدل أو على التأكيد فإن قلت فلم لم يجوزوا في البيت البدلية وقد نصوا على أن البدل إذا كان مفيداً للإحاطة جاز كونه بدلاً من ضمير الحاضر كما في قمنا ولنا آخر قلت كأنهم امتنعوا من ذلك لأجل اشتراطهم في البدل صحة حلوله محل المبدل منه، وفيه أن هذه القاعدة منظور فيها إذ لا يمتنع يقال أكلت الأرغفة جزء منها ولا سكنت الدار بيت منها على أن يكون كل منهما بدل بعض مع أن الثاني لا يحل محل الأول إذ لا يقال أكلت جزء من الأرغفة ولا سكنت بيت من الدار اهـ دماميني. قوله: (الظهر والبطن) توكيد لزيد أي الظهر منه والبطن منه.


٨١٦ - التخريج: البيت للبرج بن مسهر في (شرح ديوان الحماسة للمرزوقي شواهد المغني ص ١٢٧٧، وشرح شواهد المغني ١/ ٢٨١، ٢/ ٩١٢؛ والمؤتلف والمختلف ص ٦٢).

اللغة: التطواف: الترحال. نأوي: نقيم الحضر القبور جوف واسع. صفاح: حجار رقيقة وعريضة.

المعنى: نكثر من الترحال بحثاً عن المال واللذات وفي الختام مآل الجميع واحد، وهو لحد يضمه، ويتساوى فيه الغني والفقير.