والثالث: لأبي علي، أنه يجوز في الواو فقط
  والثالث: لأبي علي، أنه يجوز في الواو فقط، نقله عنه أبو الفتح في سِر الصناعة، وبنى عليه مَنْعَ كونِ الفاء في «خرجت فإذا الأسد حاضر» عاطفة.
  وأضعف الثلاثة القول الثاني، وقد لَهِجَ به الرازي في تفسيره، وذكر في كتابه في مناقب الشافعي، ¥، مجلساً جمعه وجماعة من الحنفية، وأنهم زَعَموا أَنَّ قول الشافعي «يحل أكل متروكِ التّسمية» مردود بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}[الأنعام: ١٢١]، فقال: فقلت لهم: لا دليل فيها، بل هي حجة للشافعي، وذلك لأن الواو ليست للعطف؛ لتخالف الجُمْلَتَيْنِ بالاسمية والفعلية، ولا للاستئناف؛ لأن أصل الواو أن تربط ما بعدها بما قبلها، فبقي أن تكون للحال؛ فتكون جملة الحال مقيدة للنهي، والمعنى: لا تأكلوا منه في حالة كونه فسقاً ومفهومه جواز الأكل إذا لم يكن فسقاً، والفسق قد فسره الله تعالى بقوله: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ
  عند الرفع. قوله: (فقط) أي: لأنها أصل حروف العطف والأصل يخص بمزايا لا توجد في غيره. قوله: (في سر الصناعة) اسم كتاب.
  قوله: (عاطفة) أي لما يلزم عليه من عطف الجملة الاسمية على الفعلية بالفاء وقوله: منع كونها عاطفة، أي وجعلها لمجرد السببية، أي فتسبب عن خروجي مفاجأة حضور الأسد. قوله: (بحل أكل متروك التسمية) أي: سهواً أو عمداً واغتفر بعضهم النسيان وهو مشهور مذهب مالك وقال بعضهم بعدم الأكل مطلقاً وهو ظاهر الآية. قوله: (ليست للعطف) أي على تأكلوا قوله: (أن تكون للحال) فيه أن التأكيد يقتضي قصده استقلالاً رداً على مخالف على أن الحال قد تأتي للعلة نحو لا تضرب زيداً أو هو أخوك ولا تشرب الخمر والله نهى عنه قوله: (أن تكون للحال) اعترض بأنه لو كانت للحال فسق من غير توكيد بأن واللام؛ لأن التوكيد إنما يناسب المنكر حقيقة أو حكماً وهو والقرآن في أعلى درجات البلاغة ولا منكر هنا وأجيب بأن المشركين أنكروا ذلك فرد عليهم وفيه أن الخطاب إنما هو للمؤمنين بدليل تمام الآية وحينئذ فلا يناسب التوكيد للكفار إلا أن يقال ينه وأن كان الخطاب للمؤمنين إلا أن فيه تعرضاً بالكفار أي: كلوا منه خلافاً للكفار وفيه أنه وإن كان فيه تعريض إلا أن هذا لا يساوي كون الواو للاستئناف؛ لأنه الأصل فيها سلمنا أنها للحال فلا نسلم أنها مقيدة؛ لأن الأكل مما ذبح للأصنام واضح في كونه فسقاً فلا حاجة لبيانه فيبقى أن الحال مبينة لمعنى النهي مثل لا تضرب زيداً وهو أخوك وهي مسوقة لبيان العلة أي: لا تضرب زيداً؛ لأنه أخوك وهي أي: تلك الحال لا تقيدنا لمفهوم، أي: لا يستفاد منه عدم الأكل في حال كونه فسقاً كما لا يستفاد منه عدم ضرب زيد في حال كونه أخاً.
  قوله: (مقيد للنهي) أي: لأن الحال مقيدة لعاملها. قوله: (والفسق قد فسره الله الخ) هذا يشير إلى أن الفسق مجمل وفسره بقوله: أهل الخ، وفيه أن الفسق ظاهر في الشريعة