القاعدة الرابعة
القاعدة الرابعة
  أنهم يُغلبون على الشيء ما لغيره، لتناسب بينهما أو اختلاط.
  فلهذا قالوا: «الأبَوَيْنِ» في الأب والأم، ومنه {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}[النساء: ١١]، وفي الأب والخالة، ومنه: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ}[يوسف: ١٠٠]، و «المشرِقَيْن»، و «المغربَيْنِ» ومثله «الخافقانِ» في المشرق والمغرب، وإنما الخافِقُ المغرب؛ ثم إنما سُمّي خافقاً مجازاً، وإنما هو مَخْفُوقُ فيه؛ و «القمرين» في الشمس والقمر، قال المتنبي [من الكامل]:
  ٩٢٤ - وَاسْتَقْبَلَتْ قَمَرَ السَّمَاءِ بِوَجْهِهَا ... فَأَرَتْنِيَ الْقَمَرَيْنِ فِي وَقْتِ مَعَا
  قوله: (إنهم يغلبون علي الشيء ما لغيره) وذلك بأن يطلق اسمه على الآخر ويثني بها الاعتبار قصداً إليه وإلى الآخر جميعاً حتى يكون معنى الأبوين المسميين بالأب، قال التفتازاني: أما بيان مجازية التغليب والعلاقة فيه وانه من أي أنواعه لم أواحدا حام حوله لكن أنت خبير بأن قول المصنف للتناسب يقتضي أن الأول أعني التغليب للتناسب استعارة للمشابهة، والثاني وهو التغليب للاختلاط مجاز مرسل للضدية أو المجاورة وهو ظاهر في جعل الأم أبا مثلاً وأما أبوين لحقيقة ومجاز باعتبارين أو أنه من عموم المجاز بأن يفسر الأبوين بالوالدين اهـ تقرير شيخنا دردير قوله: (لتناسب بينهما) أي: بأن كانا متصاحبين أو متشابهين أو متقابلين. قوله: (فلهذا قالوا الأبوين الخ) هذا مثال التغليب للتناسب وكذا المشرقين والمغربين والعمرين ومثال التغليب للاختلاط ما يأتي بعد. قوله: (لكل واحد) دفع به توهم أن السدس للمجموع. قوله: (وفي الأب والخالة) أي: بناء على أن زوجة يعقوب في ذلك الوقت هي. خالة يوسف، وأن أمه ماتت وقيل إن الموجودة إذ ذاك إنما هي أمه وعلى الأول، فالتغليب لمناسب أي وجود التصاحب قوله: (والمشرقين) هذا عطف على الأبوين أي: وقالوا المشرقين والمغربين قيل أنه لا تغليب في هذا، والمراد مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغربهما وقيل مشرق الشمس ومشرق الفجر ومغرب الشمس ومغرب الشفق. قوله: (وإنما الخافق المغرب) أي: وأما المشرق فهو محل الطلوع فالخافق محل الخفوق أي الغروب. قوله: (مخفوق فيه) من خفق النجم غرب وقيل إنه لا تغليب وإنه من خفق اضطرب لاضطراب الأرياح والكواكب أو الليل والنهار فيهما. قوله: (والقمرين) أي: وقالوا القمرين فغلب هنا المذكر على المؤنث إذ لا بد للمغلب من مزية فيغلب المذكر على المؤنث والأشرف على غيره.
  قوله: (واستقبلت الخ) قبله:
٩٢٤ - التخريج: البيت للمتنبي في (ديوانه ٢/ ٤).
المعنى: نظرت الحبيبة إلى السماء فغلب قمر السماء على وجهها فرأيت قمرين في وقت واحد فشبه حبيبته بالقمر.