حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الرابع: ضمير الشأن والقصة

صفحة 95 - الجزء 3

  الكوفيون والأخفش تفسيره بمفردٍ له مرفوع، نحو: «كَانَ قَائِماً زَيْدٌ»، و «ظننتُهُ قائماً عمرو»، وهذا إن سُمِعَ خرج على أن المرفوع مبتدأ واسم «كان» وضمير «ظننته» راجعان إليه، لأنه في نية التقديم؛ ويجوز كون المرفوع بعد «كان» اسماً لها؛ وأجاز الكوفيون: «إنه قام» و «إنه ضُرِبَ» على حذف المرفوع والتفسير بالفعل مبنيا للفاعل أو للمفعول، وفيه فسادانِ: التفسيرُ بالمفرد وحذف مرفوع الفعل.

  والثالث: أنه لا يتبع تابع؛ فلا يؤكد ولا يعطف عليه، ولا يبدل منه.

والرابع: أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه.

  والخامس: أنه مُلازم للإفراد فلا يُثَنَّى ولا يُجمع، وإن فسر بحديثين أو أحاديث.

  وإذا تقرر هذا علم أنه لا ينبغي الحملُ عليه إذا أمكن غيره، ومن ثُمَّ ضعف قول الزمخشري في {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ}⁣[الأعراف: ٢٧] إِنَّ اسم «إنّ» ضمير الشأن، والأولى كونه ضمير «الشَّيطان»، ويؤيده أنه قُرئ {وَقَبِيلُهُ} بالنصب؛ وضمير الشأن لا يُعطف عليه، وقول كثير من النحويين: إن اسم «أنَّ» المفتوحة المخفّفة ضمير شأن، والأولى أن يعاد على غيره إذا أمكن، ويُؤيده قول سيبويه فِي {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ١٠٤ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}⁣[الصافات: ١٠٤ - ١٠٥]: إن تقديره أنك، وفي «كتبتُ إليه أن لا يفعل» أنه


  قوله: (بمفرد له مرفوع) أي: لأنه في معنى الجملة. قوله: (كان قائماً زيد) كان شانية واسمها ضمير وقائماً خبرها وزيد فاعل بقائم قوله: (وظننته) الهاء ضمير الشأن مفعول أول وقائماً مفعول ثانٍ وعمرو فاعل بقائم. قوله: (وهذا إن سمع الخ) هذا رد من البصريين القائلين إن مفسر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة على الكوفيين المجوزين تفسيره بمفرد له مرفوع. قوله: (على أن المرفوع) وهو زيد في الأول وعمرو في الثاني فأصل الأول زيد كان قائماً وأصل الثاني عمرو ظننته قائماً. قوله: (ويجوز كون المرفوع بعد كان اسماً لها) هذا التأويل لا يتأتى إلا في ظننته قوله: (مبنياً للفاعل الخ) لف ونشر مرتب فقوله مبنياً للفاعل راجع لقام وقوله أو للمفعول راجع لضرب. قوله: (فلا يؤكد الخ) أي: بخلاف غيره من الضمائر، فإنه يجوز توكيده والعطف عليه والإبدال منه تقول القوم مررت بهم كلهم ومررت بك وبزيد وتكون لنا عبداً لأولنا وآخرنا. قوله: (لا يعمل فيه إلا الابتداء الخ) بخلاف غيره من الضمائر فإنه يكون مجروراً أو منصوباً أي في محلهما بسبب عاملهما. قوله: (وان فسر بحديثين أو أحاديث) أي: قصتين أو قصص نحو هو زيد قائم وعمرو منطلقاً ونحو هو عمرو قائم وبكر منطلقاً وخالد جالس. قوله: (وإذا تقرر هذا) أي: مخالفته للقياس من أوجه خمسة قوله: (إذا أمكن غيره) أي: وكان الغير موافقاً للقياس أما إن كان مخالفاً للقياس أيضاً فيجوز الحمل عليه كما سبق له في جواز الوجه