والثالث كقوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا
  أي: تَضَوُّعاً مثل تَضَوعِ نسيم الصبا.
  والثالث كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}[البقرة: ٤٨، ١٢٣] أي: لا تجزي فيه، ثم حذفت «في»، فصار لا تجزيه، ثم حذف الضمير منصوباً لا مخفوضاً. هذا قول الأخفش؛ وعن سيبويه أنهما حُذِفا دفعة واحدة. ونقل ابن الشجري القول الأوَّلَ عن الكسائي، واختاره. قال: والثاني قول نحوي آخر، وقال أكثر أهل العربيَّة منهم سيبويه والأخفش: يجوز الأمران، اهـ. وهو نقل غريب.
  ينبغي أن يكون المحذوف من لفظ المذكور مهما أمكن
  فيقدر في «ضَرْبِي زَيْداً قَائِماً» ضربه قائماً فإنه من لفظ المبتدأ وأقل تقديراً، دون «إذ كان، أو إذا كان»؛ ويقدّر «أضرب» دون أهِنْ فِي «زَيْداً أَضْرِبْه».
  فإِن مَنَعَ من تقدير المذكور مَعْنى أو صِناعة قُدر ما لا مانع له.
  فالأول نحر: «زيداً أضرِبْ أخاه» يقدّر فيه «أَهِنُ» دون «اضرب»، فإن قلت:
  عند العطار. قوله: (مثل تضوع الخ) أي: فقد حذف أي تضوعاً ثم حذفت الصفة ثم حذف المضاف إليها على التدريج قوله: (والثالث) هو استدعاء الكلام تقدير جار ومجرور مضمر عائد على ما يحتاج إلى رابط قوله: (هذا) أي: حذف الجار أولاً ثم حذف الضمير المجرور بعده قوله: (وعن سيبويه الخ) الظاهر أن هذا الخلاف يجري فيما قبل الجار والمجرور، وإن كان النقل أنه في الجار والمجرور. قوله: (فيقدر) أي: كما قال الأخفش. قوله: (قائماً) أي: ضربي له قائماً. قوله: (إذ كان) أي: فإنه ليس من لفظ المبتدأ وأيضاً أكثر من ضربه قوله: (معنى الخ) أي: أنه إذا كان المانع من تقدير المذكور المعنى أو الصناعة قدر ما لا مانع له وجوباً وإن كان من غير لفظ المذكور.
  قوله: (فالأول) أي: ما إذا كان المانع من تقدير مثل المذكور المعنى. قوله: (فالأول نحو زيداً أضرب أخاه) يقدر فيه أهن دون أضرب أي لأن تقدير أضرب في هذا المثال يؤدي إلى خلاف المقصود إذ غرض المتكلم الأمر بضرب الأخ لا الأمر بضرب زيد فلما تعذر تقدير أضرب لهذا المعنى قدر ما يلزمه بحسب العرف وهو فعل الإهانة هذا وقد وقع للمصنف في حواشي التسهيل أنه قال لو قدرت العامل في زيداً من قولك زيداً ضربت أخاه لفظ ضربت لم يكن عندي بعيد أو يكون ذلك الضرب كناية عن الإهانة، والضرب المذكور كناية عن الضرب الحقيقي وهذا مخالف لما قرره في المعنى من أن شرط الدليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف يعني بحسب معناه كما مر فتأمله، وفي قوله والضرب المذكور كناية عن الضرب الحقيقي نظر اهـ دماميني. قوله: (يقدر فيه أهن)