حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الرابع عشر: التوكيد

صفحة 297 - الجزء 1

  و «كَيْفَ بك إذا كان كذا»، ومنه عند سيبويه: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ٦}⁣[القلم: ٦]؛ وقال أبو الحسن «بأيكم» متعلق باستقرار محذوف مُخْبَر به عن «المَفْتون»، ثم اختلف، فقيل: المفتون مصدر بمعنى الفتنة؛ وقيل: الباء ظرفيَّة، أي في أي طائفة منكم المفتون.

  ***

  تنبيه - من الغريب أنها زيدت فيما أصله المبتدأ وهو اسم «ليس»، بشرط أن يتأخر إلى موضع الخبر، كقراءة بعضهم: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا}⁣[البقرة: ١٧٧] بنصب «البر»، وقوله [من المتقارب]:

  ١٦٠ - أليس عجيباً بأنّ الْفَتَى ... يُصَابُ بِبَعْضِ الذي في يَدَيْهِ

  والرابع الخبر، وهو ضربان: غير موجب فينقاس نحو: «لَيْسَ زيد بقائم»،


  بعده نكرة، وإن كان معرفة ففيه خلاف كما يأتي لابن الحاجب. قوله: (وكيف بك) كيف اسم استفهام خبر مقدم وبك الباء حرف جر زائداً والكاف في محل جر بالباء، وفي محل رفع بالابتداء أو المعنى كيف أنت إذا كان الأمر كذا أي أنت تكون إذا كان الأمر كذا على أي حال. قوله: (إذا كان كذا) أي: إذا كان الأمر حاصلاً أو إذا كان الأمير يعطيك. قوله: (بأيكم المفتون) أي: المجنون أي فستبصر أيكم المجنون فالكفارة قالوا النبي مجنون فقال الله له فستبصر ويبصرون أيكم المجنون فالباء زائدة في المبتدأ والمجنون خبر. قوله: (وقال أبو الحسن الخ) أي: فالمفتون مبتدأ وبأيكم خبر متعلق بمحذوف ثم مؤول بالفتنة أي الجنون مستقر بأيكم أو إن الباء ظرفية أي أن الجنون مستقر في أيكم أي في أي فريق منكم فقوله ثم اختلف أي على كلام أبي الحسن. قوله: (وقيل الباء ظرفية) أي: والمفتون اسم مفعول لا مصدر قوله: (من الغريب) أي: من النادر القليل لكونه ليس من المواضع السابقة. قوله: (وهو اسم ليس) أي: أو ما الحجازية أو لا النافية للجنس. قوله: (بشرط أن يتأخر إلى موضع الخبر) السر في ذلك أنه حينئذ يكتسب شبهاً بالخبر من حيث الصورة بسبب حلوله محل الخبر فيجسر ذلك على زيادة الباء فيه كما تزاد في الخبر. قوله: (كقراءة بعضهم) هو ابن مسعود وأبي. قوله: (بنصب البر) أي: على أنه خبرها مقدم وقوله بأن الخ اسمها مؤخر قوله (والرابع) أي: من مواضع الزيادة الستة. قوله: (فينقاس) أي: دخول الباء الزائدة وظاهر هذا العموم فيشمل خبر الفعل الناسخ المنفي كقوله:

  وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن

  بأعجلهم البيت. قوله: (ليس زيد بقائم) أي: قائماً، وأما الله بغافل أي غافلاً.


١٦٠ - التخريج: البيت لمحمود الوراق في (ديوانه ص ٢٣٩؛ والبيان والتبيين ٣/ ١٩٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٣٨؛ وبلا نسبة في شرح التصريح ١/ ٢٠١).

المعنى: إنه القدر العجيب يجعل الإنسان يهلك من بعض أفعاله، وما تقدمه يداه.