حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الث: قولهم: «النعت يتبع المنعوت

صفحة 457 - الجزء 3

  بحث «إذا» أن الأمر بخلاف ذلك.

  الثالث: قولهم: «النعتُ يتبعُ المنعوت في أربعة من عشرة»، وإنما ذلك في النعت الحقيقي، فأما السببي فإنما يتبع في اثنين من خمسة: واحد من أوجه الإعراب، وواحد من التعريف والتنكير، وأما الإفراد والتذكير وأضدادهما فهو فيها كالفعل، تقول: «مررت برجلين قائم أبواهُما، وبرجال قائم آباؤُهم، وبرجل قائمة أمه، وبامرأة قائم أبوها»؛ وإنما يقول: «قَائِمَيْنِ أَبَوَاهُمَا»، و «قَائِمينَ آباؤهم»، مَنْ يقول: «أكلوني البراغيث»؛ وفي التنزيل: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}⁣[النساء: ٧٥] غير أن الصفة الرافعة للجمع يجوز فيها في الفصيح أن تُفرد، وأن تُكسر، وهو أرجح على الأصح، كقوله [من الطويل]:


  قوله: (أن الأمر بخلاف ذلك) أي: فقد تخرج عن الظرفية بحيث لا تضمن معنى في فلا ينافي أنها اسم زمان فقد زعم الأخفش أنها في محل جر بحتي في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا}⁣[الزمر: ٧١، ٧٣] أي: سيقوا إلى وقت مجيئهم إياها وزعم ابن جني في إذا وقعت الواقعة الآية، فيمن نصب خافضة رافعة أن إذا الأولى مبتدأ والثانية خبر والمنصوبين حالان من ضمير وقعت وكذا جملة ليس ومعموليها والمعنى وقت وقوع الواقعة متحققة خافضة لقوم رافعة لآخرين وهو وقت رج الأرض، وقد تخرج عن الاستقبال فنجيء للماضي كما في وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم. قوله: (يتبع المنعوت في أربعة من عشرة) أي: فظاهره مطلقاً كان النعت حقيقياً أو سببياً، وقوله: من أوجه الإعراب أي الثلاثة قوله: (فهو فيها كالفعل) يعني: فيفرد النعت على الأفصح وتضعف المطابقة بينه وبين فاعله في التثنية والجمع فكما تقول مررت برجلين، أو برجال يقوم أبواهما أو آباؤهم تقول مررت برجلين أو برجال قائم أبواهما أو آباؤهم وكما يضعف يقومان أبواهما ويقومون آباؤهم كذلك يضعف قائمين أبواهما وقائمين آباؤهم إلا إذا كان النعت جمعاً لا يجري مجرى مفرده في الحركات والسكنات بأن يكون جمع تكسير لا جمع تصحيح، فإن المطابقة حينئذ لا تضعف نحو مررت برجل قعود غلمانه، وإن ضعف ذلك في الفعل نحو برجل يقعدون غلمانه؛ لأن اسم الفاعل المشبه للفعل إذا جمع جمع: تكسير خرج لفظاً عن موازنة الفعل ومناسبته؛ لأن الفعل لا يكسر ولم يلزم فيه أيضاً شبه اجتماع فاعلين نحو قعود غلمانه كما لزم في قاعدون غلمانه اهـ شمني. قوله: (الظالم أهلها) أي: فقد طابق النعت مرفوعة في التذكير لا المنعوت في التأنيث. قوله: (غير أن الصفة الخ) هذا مخرج من قوله فهو فيها كالفعل، وقوله: الرافعة لجمع، أي: لجمع تكسير قوله: (إن تفرد) أي: بحيث يقال برجل قائم غلمانه وإن تكسر بحيث يقال برجل قعود غلمانه أي: وأما الفعل فلا يكسر قوله: (وهو) أي: تكسير الصفة الرافعة أرجح أي من إفرادها قوله: (كقوله) أي: قول زهير بن أبي سلمى وبعد هذا البيت: