حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع الرابع عشر: تجويزهم في الشعر ما لا يجوز في النثر

صفحة 321 - الجزء 3

  ومن الوهم في الثاني قولُ ابن عصفور في قوله [من الكامل]:

  ٨٣١ - حَنّتْ نَوَارُ وَلَاتَ هَنَا حَنَّتِ ... [وَبَدَا الَّذِي كَانَتْ نَوَارُ أَجَنْتِ]

  إِن «هَنَّا» اسم «لات»، و «حَنّت» خبرها بتقدير مضاف أي: وقت حنت، فاقتضى إعرابه الجمع بين، معموليها، وإخراج «هنا» عن الظرفية، وإعمال «لات» في معرفة ظاهرة وفي غير الزمان وهو الجملة النائبة عن المضاف، وحذف المضاف إلى الجملة، والأولى قول الفارسي إن «لات» مُهْمَلَة، و «هَنَّا» خبر مقدم، و «حنت» مبتدأ مؤخر بتقدير «أنْ» مثل «تَسْمَعَ بِالمُعَيْدِي خَيْر مِنْ أنْ تراه».

  النوع الرابع عشر: تجويزهم في الشعر ما لا يجوز في النثر، وذلك كثير، وقد أفرد بالتصنيف، وعكسه، وهو غريب جداً، وذلك بدلا الغلط والنسيان، زعم بعض


  الاسمية المجاب بها القسم دون استطالة قليل كقول أبي بكر الصديق: والله أنا كنت أظلم منه قال، وأما إن كان في المقسم به استطالة الحذف حسن كما في البيت وكما في كلام ابن مسعود. قوله: (باستطالة الخ) أي: ولا استطالة هنا ولا يخرج القرآن على القليل. قوله: (ومن الوهم في الثاني) أي: وهو إيجاب حذف أحد معمولي لات. قوله: (حنت نوار الخ) نوار مبني على الكسر كوبار والبيت لشبيب بن جعيل يخاطب أمه نوار بنت عمرو بن كلثوم، وقد أسره بنو قتيبة بن معين في حرب وتمامه:

  وبدا الذي كانت نوار أجنت

  لما رأت ماء السلا شر بالها

  والفرث يعصر في الاناء أرنت

  حنت من الحنين وهو مشفقة وقوله أجنت أي الذي سترته في جنينها من المحبة والسلا بالقصر وعاء المولود وأرنت صاحت قوله: (أي وقت حنت) أي: وليس هذا الوقت وقت حنت أي وقت حنين قوله: (وإعمال لات في معرفة ظاهرة) أي: وهو هنا لأنه اسم إشارة قوله: (وفي غير الزمان) أي: مع أنها لا تعمل إلا في الزمان وحنت ليس ظرفاً. قوله: (وحنت مبتدأ مؤخر بتقدير أن) أي: والمعنى ليس الحنين هنا أي كائناً في هذا الوقت. قوله: (وعكسه) أي: تجويزهم في النثر ما لا يجوز في الشعر. قوله: (بدلاً الغلط والنسيان) الفرق بينهما أن المبدل منه إن لم يكن مقصوداً البتة ولكن سبق إليه اللسان


٨٣١ - التخريج البيت لشبيب بن جعيل في (الدرر ١/ ٢٤٤، ٢٢/ ١١٩؛ وشرح شواهد المغني ص ٩١٩؛ والمؤتلف والمختلف ص ٨٤؛ والمقاصد النحوية ١/ ٤١٨؛ ولحجل بن نضلة في الشعر والشعراء ص ١٠٢؛ ولهما معاً في خزانة الأدب ٤/ ١٩٥؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٣٠؛ وتذكرة النحاة ص ٧٣٤؛ والجنى الداني ص ٤٨٩؛ وجواهر الأدب ص ٢٤٩؛ وخزانة الأدب ٥/ ٤٦٣؛ وشرح الأشموني ١/ ٦٦، ١٢٦؛ وهمع الهوامع ١/ ٧٨، ١٢٦).

المعنى: لقد اعتمل الشوق في روح نوار إلى أهلها فأعلنته، وليس هذا هو الزمن المناسب لذلك.