التاسع عشر: قولهم في السين و «سوف»: حرف تنفيس
  الرؤية، وأما إذا كانتِ المُقاربة مُثبتة فلأن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفاً عدم حصوله، وإلا لكان الإخبار حينئذ بحصوله، لا بمقاربة حصوله؛ إذ لا يحسنُ في العرف أن يُقال لمن صلى «قارب الصلاة»، وإن كان ما صلى حتى قارب الصلاة؛ ولا فرق فيما ذكرناه بين «كاد» و «يكادُ»؛ فإن أُوردَ على ذلك {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ٧١}[البقرة: ٧١] مع أنهم قد فعلوا؛ إذ المراد بالفعل الذبح، وقد قال تعالى: {فَذَبَحُوهَا}[البقرة: ٧١] فالجواب أنه إخبار عن حالهم في أوّل الأمر؛ فإنهم كانوا أولاً بُعَدَاء من ذبحها، بدليل ما يُتلى علينا من تَعَنُّتِهِمْ وتكرُرِ سؤالهم؛ ولما كثر استعمال مثل هذا الدال مقاربة الفعل أولاً ثم فعله بعد ذلك تَوَهَّم أن الفعل بعينه هو فيمن انتفت عنه على حصول ذلك الفعل بعينه وليس كذلك، وإنما فهم حصول الفعل من دليل آخر كما فهم في الآية من قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا}.
  التاسع عشر: قولهم في السين و «سوف»: حرف تنفيس، والأحسن حرف استقبال؛ لأنه أوضح ومعنى التنفيس التوسيع؛ فإن هذا الحرف ينقل الفعل عن الزمن
  قوله: (وأما إذا كانت الخ) أي: وأما وجه انتفاء خبرها إذا كانت مثبتة. قوله: (فلأن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفاً عدم حصوله) هذه دعوى وقوله وإلا الخ دليل عليها، وحاصله أنه لو لم يكن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عدم حصوله لكان مقتضياً لحصوله لكن التالي وهو كون الإخبار بقرب الشيء مقتضياً حصوله باطل إذ لا يحسن أن يقال في العرف لمن صلى قارب الصلاة، وإنما يقال ذلك لمن لم يصل وإذا بطل التالي المقدم وثبت نقيضه وهو المطلوب.
  قوله: (وإلا) أي: إلا يكن مقتضياً لعدم حصوله لكان مقتضياً لحصوله. قوله: (وإلا لكان الخ) فيه إدخال اللام على جواب إن الشرطية وهو ممنوع إلا أن يقال أنه حملها على لو. قوله: (إذ لا يحسن الخ) دليل للاستثنائية المطوية. قوله: (على ذلك) أي: على ما ذكر من الصواب. قوله: (إنه إخبار عن حالهم في أول الأمر) أي: وقوله فذبحوها إخبار عن حالهم ثانياً فأولاً كانوا ممتنعين من الذبح ثم ذبحوها بعد ذلك. قوله: (فيمن انتفت عنه مقاربة الفعل) أي: فيقال زيد فعل ذلك الفعل وما كاد يفعله قوله: (إن هذا الفعل) ما كاد قوله: (والأحسن الخ) قضية هذا أن يكون تعبيرهم بحرف التنفيس حسناً يعني وكل حسن صواب فيلزم أن يكون عد هذا الموضع في هذا الباب غير صواب لأن الباب معقود لأن يذكر فيه ما اشتهر بين المعربين والصواب، خلافه، وقد بينا أن عبارته تقتضي أن يكون ما اشتهر بينهم صواباً لا خطأ فليس من موضوع هذا الباب في شيء اهـ دماميني. قوله: (فإن هذا الحرف ينقل الخ) أي: لأن المضارع محتمل للحال والاستقبال فإذا دخلت عليه السين أو سوف تخلص للاستقبال وعلى هذا فالسين لا تفيد تبعيداً في