يستثنى من قولنا: «لا بد لحرف الجر من متعلق» ستة أمور
  وعليه خَرَّج أبو الفتح قوله [من المنسرح]:
  ٦٨٦ - نَحْنُ بِغَرْسِ الْوَدِيِّ أَعْلَمُنَا ... مِنَّا بِرَكْضِ الْجِيَادِ فِي السُّدَفِ
  فادعى أن «نا» مرفوع مؤكد للضمير في «أعلم»، وهو نائب عن «نحن»؛ ليتخلَّص بذلك من الجمع بين إضافة «أفْعَلَ» وكونه بـ «من»، وهذا البيت أشكل على أبي علي حتى جعله من تخليط الأعراب.
  والرابع: «رُبَّ» في نحو: «رُبَّ رَجُلٍ صَالِحٍ لَقِيتُهُ، أو لقيت»؛ لأن مجرورها مفعول في الثاني، ومبتدأ في الأول، أو مفعول على حدّ «زَيْداً ضَرَبْتُهُ»، ويقدر الناصب بعد المجرور لا قبل الجارّ؛ لأن «رُبَّ» لها الصَّدر من بين حروف الجر، وإنما دخلت في المثالين لإفادة التكثير أو التقليل، لا لتعدية عامل. هذا قول الرماني
  إلى ضمير متصل منصوب وإنما لم يكن أصله أنت لأنه مستثنى والمستثنى منصوب فتعين أن الأصل ضمير منفصل منصوب. قوله: (وعليه) أي: على إنابة الضمير المتصل بالشروط الثلاثة خروج الخ أو وجه توفرها فيه ان الأصل اعلم نحن فقد أقيم ضمير متصل مكان المنفصل وكلاهما محله رفع وكون البيت ضرورة واضح. قوله: (بغرس الودي) صغار النخل المسمى بالفسيل واحده ودية والسدف بضم السين وفتح الدال جمع سدفة يطلق على الظلمة والضوء فهو من أسماء الأضداد والمعنى أن علمنا بغرس الودي أكثر من علمنا بركض الجياد في السدف.
  قوله: (وهو نائب عن نحن) أي: التي كانت مؤكدة للضمير المستتر في اعلم بحسب الأصل قوله: (ليتخلص بذلك مع الجمع) أي: مع أنه لا يجمع بين إضافة أفعل التفصيل ومن فلا تقول أفضل الناس زيد منهم قوله: (أشكل على أبي علي) أي: من حيث إنه جمع فيه بين الإضافة ومن قوله: (ويقدر الناصب) أي: لمجرورها على أنه مفعول في المثال الأول. قوله: (لا قبل الجار) أي: ولا بعده وقبل المجرور لأنه لا يفصل بين الجار والمجرور بمثل هذا قوله: (لأن رب لها الصدر) أي: ومن المعلوم أنه إذا كان لها الصدارة لا تتعلق بشيء. قوله: (لا لتعدية عامل) أي: وحينئذ فلا تتعلق بشيء. قوله:
= المعنى: يقول: لا يهمنا ألا يجاورنا أحد سواك، لأنّ جوارك يغنينا عن جميع الناس.
٦٨٦ - التخريج: البيت لقيس بن الخطيم في (ملحق ديوانه ص ٢٣٦؛ ولسعد القرقرة في فصل المقال ٢١٠، ٢١١؛ ولسان العرب ٩/ ١٤٧ (سدف)؛ ولسعد أو لقيس بن الخطيم في شرح شواهد المغني ٢/ ٨٤٥؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٥٥؛ وللأنصاري في لسان العرب ١٥/ ٣٨٦ (ودي)؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩/ ٢١٩؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣٨٦).
اللغة: الودية: النخلة لم تعط ثمراً لصغرها. السدفة: الظلمة.
المعنى: نحن نعرف الغرس والحرث أكثر مما نعرف في الخيل وعدوها.