حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع السادس: اشتراطهم المفرد في بعض المعمولات، والجملة في بعض

صفحة 294 - الجزء 3

  «بئس»، تقول: «نِعْمَ الرَّجُلانِ الزَّيْدَانِ»، وَ «نِعْمَ رَجلَيْنِ الزَّيْدَانِ»، ولا يقال «نعما» إلا لغيَّة، أو بشرط إفراده وتذكيره، وهو «رُبَّ» في الأصح.

النوع السادس: اشتراطهم المفرد في بعض المعمولات، والجملة في بعض.

  فمن الأول الفاعل ونائبه وهو الصحيح، فأما {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}⁣[يوسف: ٣٥]، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة: ١١] فقد مر البحث فيهما.

  ومن الثاني خبر «أنَّ» المفتوحة إذا خُفّفت، وخبرُ القول المحكي نحو: «قَوْلي لا إله إلا الله»، وخرج بذكر المحكي قولُكَ: «قَوْلي حَقٌّ»، وكذلك خبر ضمير الشأن، وعلى هذا فقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}⁣[البقرة: ٢٨٣] إذا قدر ضمير «إنه» للشأن لزم كونُ «آثم» خبراً مقدماً و «قلبه» مبتدأ مؤخراً، وإذا قدر راجعاً إلى اسم الشرط جاز ذلك، وأن يكون «آثم» الخبر و «قلبه» فاعل به، وخبرُ أفعال المقاربة.

  ومن الوهم قول بعضهم في {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ٣٣}⁣[ص: ٣٣] إن


  قوله: (ونعم رجلين) أي: نعم هما رجلين فرجلين تمييز والزيدان المخصوص بالمدح. قوله: (نعما) أي بإبراز الضمير قوله: (في لغية) أي: ضعيفة. وهي لغة أكلوني البراغيت. قوله: (وهو رب) نحو ربه رجلاً وربه رجالاً ولا رجلين وامرأة ونساء فالضمير على كل حال مفرد مذكر قوله: (فقد مر البحث فيهما) أي: فليس ليسجننه فاعل بدا بل الضمير العائد على البداء، وكذا نائب الفاعل لهم لا جملة لا تفسدوا قوله: (ومن الثاني) أي: مما اشترطوا فيه أن يكون جملة قوله: (خبر أن المفتوحة الخ) قال في الخلاصة:

  وإن تخفف ان فاسمها استكن ... والخبر اجعل جملة من بعد أن

  قوله: (وخبر القول المحكي) حاصل أن القول إذا وقع فإما أن تقصد حكايته والإخبار عنه بأمر، فإن كان الأول وجب الإخبار عنه بجملة مراد لفظها، وإن كان الثاني أخبر عنه بمفرد. قوله: (ضمير الشأن) أي: فيجب أن يكون جملة. قوله: (وعلى هذا) أي: كون خبر ضمير الشأن جملة قوله: (إذا قدر الخ) هذا يفيد جواز التقديرين وهو مخالف لما سبق في مبحث ضمير الشأن من أنه إذا احتمل كونه غير ضمير شأن تعين ولا يعدل لغيره والجواب أن المراد هناك لا يعدل لغيره أي لراجحيته وهنا قصده التدريب في الإعراب مع إرخاء العنان وقطع النظر عن الأرجحية وعدمها. قوله: (كون آثم خبراً) أي: لا مبتدأ وقلبه خبر إذ لا يخبر عن النكرة الغير المختصة بالمعرفة، ولا يجوز أن يكون آثم خبر إن وقلبه فاعل به؛ لأن خبر ضمير الشأن لا يكون مفرداً. قوله: (وخبر أفعال المقاربة) نحو طفق يتكلم وأخذ يشعر. قوله: (ومن الوهم) أي: في أفعال المقاربة.