الرابع
  حمل قوله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ١٧}[البقرة: ١٧] على الأول فالظرف و «لا يبصرون» مفعولٌ ثان، وتكرّر كما يتكرّر الخبر، أو الظرف مفعول ثان والجملة بعده حال، أو بالعكس، وإن حمل على الثاني فحالان.
  الرابع: {اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}[البقرة: ٢٤٩] إن فَتحْتَ الغين فمفعول مطلق، أو ضَمَمْتها فمفعول به؛ ومثلهما «حَسَوْتُ حَسْوَةً، وحُسْوَة».
  ***
  الجهة العاشرة: أن يخرج على خلاف الأصل، أو على خلاف الظاهر، لغير مُقْتَضِ، كقول مكي في {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي}[البقرة: ٢٦٤] الآية: إن الكاف نعث لمصدر محذوف، أي: إبطالاً كالذي، ويلزمه أن يقدر إبطالاً كإبطال إنفاق الذي ينفق والوجه أن يكون {كَالَّذِي} حالاً من الواو، أو لا تبطلوا
  (على الأول) أي: بأن جعل ترك بمعنى صير قوله: (فالظرف ولا يبصرون مفعول ثاني تكرر) وفي عبارته بحث وذلك أن الإخبار عن مجموع الظرف ولا يبصرون بقوله مفعول ثان لا يصح، أما أولاً فلأنه منافٍ لغرضه من جعل كل منهما مفعولاً، وأما ثانياً فلأن وصفه بالتكرار غير مستقيم إذ المجموع لم يتكرر فالأولى أن يقول إن الظرف مفعول ثانٍ ولا يقصرون مفعول آخر تكرر أي ذكر ثانياً لا من جهة خصوصية اللفظ بل من جهة ذاته أي كونه مفعولاً لأن لا يبصرون لم يذكر إلا مرة واحدة اهـ تقرير شيخنا دردير. قوله: (مفعول ثان تكرر) معناه أن أصلهما خبران متعددان وهما مفعولان بعد دخول الفعل، فإذا كانت الأخبار متعددة ودخل عليها فعل متعدٍ لاثنين مثلاً صار له مفاعيل كثيرة ثلاثة كما هنا فأكثر تقول ظننت زيداً فقيهاً عالماً شاعراً كاتباً ظريفاً فلا امتناع في ذلك إذا كانت تلك المفاعيل في الأصل أخبار أو قيل بجواز تعدد الخبر. قوله: (وإن حمل على الثاني) أي: بأن جعل ترك بمعنى خلق قوله: (فمفعول مطلق) أي: لأن الغرفة بالفتح اسم للفعل.
  قوله: (فمفعول به) أي: لأن غرفة بالضم اسم للمعروف، وكذا تقول في حسوة.
  قوله: (أو على خلاف الظاهر) خلاف الظاهر أعم مما قبله لأنهما قد يجتمعان فيما إذا خرج الكلام على حذف وينفرد الثاني فيما إذا احتمل الكلام إعرابين وكان أحدهما لا دليل عليه فهو خلاف الظاهر. قوله: (أن الكاف) أي: في قوله كالذي. قوله: (ويلزمه أن يقدر الخ) أي: لأن الإبطال معنى فلا أن يصح يشبه بالذات فلذا قدر مدخول الكاف إبطال. قوله: (كإبطال انفاق الخ) إنما قدر انفاق لأن الإبطال حكم لا يتعلق بالذوات وإنما يتعلق بالأفعال قوله: (إنفاق الذي ينفق) ماله رئاء الناس ولا يريد بإنفاقه رضا الله ولا ثواب الآخرة. قوله: (والوجه الخ) ذكر الزمخشري في الكشاف» كلاً من الوجهين وصدر بالأول.