حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - الظاهر أن «لها» من قول المتنبي [من البسيط]:

صفحة 40 - الجزء 2

  ومعنى تهيئه تُيَسِّرُ انفرادها به، لا أنه قصدها، بدليل {وَرَاوَدَتْهُ}⁣[يوسف: ٢٣]، فلا وجه لإنكار الفارسي هذه القراءة مع ثبوتها واتجاهها. ويحتمل أنها أصل قراءة هشام {هَيْتَ} بكسر الهاء وبالياء وبفتح التاء، وتكون على إبدال الهمزة.

تنبيه - الظاهر أن «لها» من قول المتنبي [من البسيط]:

  ٣٦٩ - لَوْلاَ مُفَارَقَةُ الأَحْبَابِ مَا وَجَدَتْ ... لَهَا الْمَنَايَا إِلَى أَرْوَاحِنَا سُبُلا

  جار ومجرور متعلق بـ «وجدت»، لكن فيه تَعَدِّي فعل الظاهر إلى ضميره المتصل كقولك: «ضربه زيد» وذلك ممتنع، فينبغي أن يقدّر صفة في الأصل لـ «سُبُلا» فلما قدم عليه صار حالاً منه، كما أن قوله: «إلى أرواحنا» كذلك، إذ المعنى: سُبُلاً مسلوكة إلى أرواحنا. ولك في «لها» وجه غريب، وهو أن تقدّره جمعاً لـ «حَصاة


  جعله اسم فعل أمر كما مر وقوله مثلها مع اسم الفعل أي إنه على قراءة هئت لكن المعنى تهيأت يا يوسف وإرادتي كائنة لك ومعنى تهيئة سيدنا يوسف # أنه تيسر انفرادها لا أنه قصدها لأنه به معصوم. قوله: (بدليل وراودته) أي فزليخا هي التي راودته وقصدته لا أنه قصدها. قوله: (ويحتمل أنها أصل قراءة هشام) فيه أن هذه القراءة وهي كسر الهاء والياء وفتح التاء لابن ذكوان رفيق هشام وقراءة نافع، وأما هشام فيقرأ هئت بكسر الهاء وبالهمزة وضم التاء وبفتحها أيضاً فالأولى أن يقول قراءة غير هشام قال الشاطبي:

  وهيت بكسر أصل كفء وهمزة ... لسان وضم التالوي خلفه دلا

  قوله: (هيت) بدل من قراءة هشام. قوله (لكن فيه تعدي فعل الظاهر الخ) أي: تعدي الفعل الذي فاعله ظاهر إلى مفعوله الذي هو ضمير متصل وهو لها، فإن وجدت فاعله المنايا ومفعوله لها وهو ضمير متصل. قوله: (ضربه زيد) فزيد فاعل والهاء مفعوله والمعنى ضرب زيد زيداً أي ضرب نفسه. قوله (صار حالا) أي: على قاعدة نعت النكرة إذا قدم عليها نحو:

  لمية موحشا طللُ

  أما نعت المعرفة إذا قدم عليها فيعرب بحسب العوامل وتعرب هي بدلاً أو بياناً وقد يعرب نعت النكرة هذا الإعراب كما في مررت بمثلك رجل. قوله: (سبلاً مسلوكة) هذا بيان لكون إلى أرواحنا في الأصل صفة لسبلاً قوله: (جمعا الخ) أي: فلها مضاف والمنايا مضاف إليه فيكون لها فاعل وجدت واللهاة اللحمة المشرفة على الحلق في آخر الفم وفيه استعارة بالكناية شبهت المنايا بشيء يبلغ الناس استعارة بالكناية واللهوات


٣٦٩ - التخريج: البيت في (ديوانه ٣/ ٢٨٢).

المعنى: لم يكن الموت ليجد طريقاً إلينا، لولا مفارقتنا للأحباب، فهي تضعف أرواحنا فيسطو الموت عليها.