حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والسابع: العطف بالواو

صفحة 118 - الجزء 3

  ٧٤٤ - وَإِنْسانُ عَيْنِي يَحْسِرُ الْمَاءُ تَارَةً ... فَيَبْدُو، وَتَارَاتٍ يَجُمُّ فَيَغْرَق

  كذا قالوا والبيت محتمل لأن يكون أصله: يحسر الماء عنه، أي: ينكشف عنه، وفي المسألة تحقيق تقدم في موضعه.

  والسابع: العطف بالواو أجازه هشام وَحْدَه، نحو: «زَيْدٌ قَامَتْ هند وأَكْرَمَهَا»، ونحو: «زَيْد قامَ وَقَعَدَتْ هند»، بناءً على أن الواو للجمع؛ فالجملتان كالجملة كمسألة الفاء، وإنما الواو للجمع في المفردات لا في الجمل؛ بدليل جواز: «هَذَانِ قائم


  الغير المرتب فالآية مثال للصورة الثانية وهي عطف الجملة الخالية من الضمير على المشتملة عليه والبيت مثال للصورة الأولى بكل من شطريه وهي عطف الجملة ذات الضمير على الخالية منه قوله: (وإنسان عيني الخ) إنسان العين هو المثال الذي يرى في سوادها ويحسر بضم السين مضارع حسر بفتحها أي انكشف وقوله يجم بضم الجيم وكسرها أي يكثر ويغرق بفتح الراء مضارع غرق بكسرها قوله: (يحسر الماء) أي: ينكشف الماء، وقوله يجم أي يكثر الماء، وقوله يحسر الماء الخ الجملة خبر والرابط عطف الجملة المحتوية على خبر المبتدأ عليها بفاء السببية المصيرة للجملتين كالشيء الواحد. قوله: (محتمل الخ) لكن ما قالوه أظهر لأن الحذف خلاف الأصل ولا ضرورة تدعو إليه فما في البيت كقولهم الذي يطير الذباب فيغضب زيد. قوله: (وفي المسألة تحقيق تقدم في موضعه) وهو الجملة السادسة من الجمل التي لها محل وحاصل ما قدمه من التحقيق أن الفاء نزلت الجملتين منزلة الجملة الواحدة ولهذا اكتفى فيهما بضمير واحد، وحينئذ فالخبر مجموعهما كما في جملتي الشرط والجزاء الواقعتين خبراً والمحل لذلك المجموع، وأما كل منهما فجزء الخبر فلا محل له ويجب على هذا أن يدعي أن الفاء في ذلك يعني في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}⁣[الحج: ٦٣] وفي نظائر من نحو الذي يطير الذباب فيغضب زيد قد أخلصت لمعنى السببية وأخرجت عن العطف قوله: (العطف بالواو) أي: العطف على جملة فيها ضمير الخالية من ضمير أو العكس كما سبق في الفاء قوله: (وأكرمها) الرابط هنا في الثانية، وأما قوله ونحو زيد الخ الرابط في الجملة الأولى أعني قام والواو صيرت الجملتين كشيء واحد قوله: (بناه) أي: هشام قوله: (وإنما الواو الخ) رد على هشام. قوله:


٧٤٤ - التخريج: البيت لذي الرمة في (ديوانه ص ٤٦٠؛ وخزانة الأدب ٢/ ١٩٢؛ والدرر ٢/ ١٧؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٧٨، ٤/ ٤٤٩؛ ولكثير في المحتسب ١/ ١٥٠؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ١٠٣، ٧/ ٢٥٧؛ وتذكرة النحاة ص ٦٦٨؛ وشرح الأشموني ١/ ٩٢؛ ومجالس ثعلب ص ٦١٢؛ والمقرب ١/ ٨٣؛ وهمع الهوامع ١/ ٩٨).

شرح المفردات: إنسان العين سوادها. حسر غار يبدو: يظهر. يجم: يكثر.

المعنى: يقول: إن بؤبؤ عيني يظهر حين تغور دموعي، ولكنه يغرق فيها حين تغزر.