حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهنا مسائل

صفحة 145 - الجزء 2

  ٤٣١ - إذا ابن أبي موسى بِلاَلاً بَلَغَتِهِ ... فَقَامَ بِفَأْسٍ بَيْنَ وِصْلَيْكِ جَازِرُ

  فيمن رفع «ابنا» إن التقدير: إذا بلغ، وعلى الرفع فيكون «ألقيتُ» صفة لقلم، و «من» الأولى تعليلية على كل حال متعلق بـ «ألقيت»، لا بـ «غيرت» لوقوعه في حيز «ما» النافية، وقد تُعلَّق بـ «غيّرت» لأن مثل ذلك يجوز في الشعر، كقوله [من الرجز]:

  وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا

  المسألة الثانية: تقع «أَنَّ» بعدها كثيراً، نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا}⁣[البقرة: ١٠٣]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا}⁣[الحجرات: ٥] {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ}⁣[النساء: ٦٦]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ}⁣[النساء: ٦٦]، وقوله [من الطويل]:


  لمية أطلال بحزوى دوائر ... عفتها السواني بعدنا والمواطرُ

  ألا بهذا الباخع الوجد نفسه ... لشيء نحته عن يديه المفادرُ

  وحاصل ما قالوه ان ابن إن نصب كان مفعولاً لمحذوف يدل عليه المذكور لفظاً ومعنى أي: إذا بلغت ابن أبي موسى وبلالاً بدل منه وان ابن كان فاعلاً لمحذوف يدل عليه المعني أي: إذا بلغ ابن أبي موسى وبلالاً مفعول لمحذوف يفسره المذكور أي: بلغت بلالاً وابن أبي موسى هو أمير البصرة وقاضيها أبو بريدة عامر بن أبي موسى الأشعري. قوله: (بين وصليك) هما عرقان تنحر الناقة فيهما وقوله: جازر بالزاء من الجزر أي: القطع. قوله: (وعلى الرفع) وأما على النصب فمفسرة لا محل لها. قوله: (لوقوعه في حيز ما النافية) أي: وما النافية لها الصدر فيمتنع تقديم معمول ما بعدها عليها. قوله: (وقد تعلق بغيرت) الذي يقتضيه التأمل تعلقها بما لما في معنى ما من النفي على حد قيل في ما أنت بنعمة ربك بمجنون، وأما التعلق بغيرت فلا يصح؛ لأن القسم السبب في عدم التغير لا أنه علة للتغير. قوله (لأن مثل ذلك) أي: لأن ذلك المعمول وما ماثله مما كان ظرفاً يجوز في الشعر تقديمه على ما النافية وعلى هذا فقولهم ما النافية لها الصدارة فتمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها، أي: إلا في الشعر إذا كان المعمول ظرفاً. قوله: (بعدها) أي: بعد لو الشرطية.


٤٣١ - التخريج: البيت لذي الرمة في (ديوانه ص ١٠٤٢؛ وخزانة الأدب ٣/ ٣٢، ٣٧؛ وسمط اللآلي ص ٢١٨؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٦٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٦٠؛ وشرح المفصل ٢/ ٣٠؛ والكتاب ١/ ٨٢؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١/ ٢٩٦؛ وتخليص الشواهد ص ١٧٩؛ وشرح المفصل ٤/ ٩٦؛ والمقتضب ٢/ ٧٧).

اللغة: أبو موسى: أبو موسى الأشعري وبلال حفيده من أبي بردة. الوصل: المفصل عند النحر في العنق. الجازر: ناحر الناقة.

المعنى: إن أوصلتني ناقتي إلى بلاد لأمدحه، استغنيت عنها بعطائه وأرسلت لها من يذبحها بالفأس.