الثاني من أوجه «حتى»: أن تكون عاطفة بمنزلة الواو
  أداة النفي على الكلام بأسرِهِ، لا على ما قبل «حتى» خاصة، ولو عُرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها، وإنما مَنَعه إذا كان النفي مسلطاً على السبب خاصة، وكل أحد يمنع ذلك؛ والثالث أن يكون فضلة، فلا يصح في نحو: «سَيْرِي حتى أدخلها» لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر، ولا في نحو: «كان سيرى حتى أدخلها» إن قدرت «كان» ناقصة، فإن قدرتها تامة أو قلت: «سَيْرِي أَمْسِ حتى أدخلها» جاز الرفع، إلا إن عَلَّقت «أمس» بنفس السير، لا باستقرار محذوف.
  الثاني من أوجه «حتى»: أن تكون عاطفة بمنزلة الواو، إلا أن بينهما فرقاً من ثلاثة أوجه:
  اهـ دماميني قوله: (الرفع بعد النفي) كما في قوله ما سرت حتى أدخلها على أن الأصل عنده سرت حتى أدخلها ثم أتى بما فقيل ما سرت. قوله: (بعد النفي) وكذا يقال في الاستفهام نحو هل سرت حتى تدخلها فيقدر أن الأصل بدون الاستفهام ثم دخل الاستفهام على الكلام برمته. قوله: (ولو عرضت) المتبادر من الكلام أن هذا من كلام المصنف لا من كلام الأخفش. قوله: (بهذا المعنى) وهو أن الأصل الإيجاب ثم دخل النفي بعد صحة الرفع بحتى على أصل الكلام قوله: (لم يمنع الرفع فيها) اعترض بأنه إذا دخل النفي على الكلام برمته صار قوله حتى أدخلها ليس واقعاً في الحال بل منفياً، والمعنى انتفى السير المترتب عليه الدخول فلك أن تقول لو عرضت على سيبويه لمنعها، وأما جعلها حالاً تأويلاً بأن يقدر لحكاية الحال ثم نفي فهو بعيد اهـ:. تقرير دردير. قوله: (فضلة) أي: يصح الاستغناء عنه احترازاً من العمدة كالخبر. قوله: (لئلا يبقى المبتدأ) أي: وهو سيري بلا خبر أي لأن حتى عند الرفع ابتدائية فتكون الجملة بعدها مستأنفة فيصير قوله سيري مبتدأ بلا خبر إذا لم يلاحظ أن الخبر محذوف أي ثابت وإلا جاز. قوله: (لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر) أي: وهو ممنوع وفيه إنه إن أراد خبر لفظاً فهو مسلم إلا أنه ويضر، وإن أراد لزوم بقاء المبتدأ بلا خبر لفظاً وتقديراً فهو ممنوع لأنه يمكن تقديره أي حاصل مثلاً اهـ دماميني. قوله: (أو قلت سيري) أي: إن جعلت كان ناقصة وزدت ظرفاً فقلت كان سيري أمس حتى أدخلها ويحتمل أن قوله أو سيري أي بدون كان أصلاً فعلى كل حال الخبر مذكور. قوله: (جاز الرفع) راجع لقوله فإن قدرتها تامة أو قلت الخ. قوله: (إلا أن علقت) راجع لقوله أو قلت سيري. قوله: (إلا أن علقت أمس الخ) أي: وإلا كان المنع باقياً لبقاء سببه وهو بقاء المبتدأ بلا خبر وفيه ما مر من البحث قوله: (بمنزلة الواو) أي: فلا تفيد ترتيباً ولا مهلة لا قد يكون تعلق الفعل بما بعد حتى أسبق من تعلقه بما قبلها نحو مات كل أب لي حتى آدم وقيل إنها بمنزلة ثم فتفيد الترتيب والمهلة وبه قال ابن الحاجب قال الجزولي إن حتى تفيد الترتيب والمهملة إلا أن المهلة في حتى أقل منها في ثم متوسطة بين الفاء التي لا مهلة فيها، وثم المفيدة للمهلة وقد يحمل هذا القول وما قبله