حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - وقد يكون الموضع لا يتخرج إلا على وجه مرجوح

صفحة 233 - الجزء 3

  وزيادة الإبدال من العائد، وبعضُهُم يمنعه بناءً على أن المبدل منه في نية الطَّرْح فيبقى الموصول بلا عائد في التقدير؛ وقد مرّ أنّ الزمخشري مَنَعَ في أَن {اعْبُدُوا اللَّهَ}⁣[المائدة: ١١٧] أن يكون بدلاً من الهاء في {أَمَرْتَنِي بِهِ} ورَدَدْنَاه عليه؛ ولو لزم إعطاء منوي الطَّرح حُكْمَ المطروح لزمَ إعطاء منوي التأخير حكم المؤخر، فكان يمتنع «ضَرَبَ زَيْداً غَلَامُهُ»، ويردّ ذلك قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ}⁣[البقرة: ١٢٤] والإجماع على جوازه.

  تنبيه - وقد يكون الموضع لا يتخرَّجُ إلا على وجه مرجوح، فلا حرج على مخرجه، كقراءة ابن عامر وعاصم {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}⁣[الأنبياء: ٨٨] فقيل: الفعل ماض مبني للمفعول، وفيه ضعف من جهات إسكان آخر الماضي، وإنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل، وإنابة غير المفعول به مع وجوده؛ وقيل: مضارع


  الذي يأتي هنا إنما هو الاعتراض الأول والثالث وأما الثاني فلا يأتي هنا لأنه ليس في هذا الوجه إبدال من الموصول. قوله: (ورددناه عليه) بأن المضر بدل الموصول فلا عائد في اللفظ وأما بقاؤه بلا عائد في التقدير فلا ضرر فيه قوله: (حكم المؤخر) أي: بالفعل فلا يعود الضمير عليه فقوله ضرب الخ المفعول في نية التأخير فلو كان في حكم المؤخر بالفعل للزم عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة مع أن الآية فيها ذلك والأمة أجمعت على جوازه.

  قوله: (كقراءة ابن عامر) أي: فإنها خرجت على أوجه ثلاثة وكل منها لا يخلو عن ضعف ولا يتأتى تخريجها على غير ما ذكر قوله: (وعاصم) أي: من رواية شعبة قال في الحرز في الأنبياء: ونجى احذف وشدد كذي صلا. قوله: (وكذلك نجى المؤمنين) هذا اعتراف من المصنف بأن هذه القراءة المتواترة غير فصيحة لكونها لا تتخرج إلا على وجه مرجوح ولا ينبغي ارتكاب مثله اهـ. دماميني قال الشمني أقول ليس في كلام المصنف اعتراف بأن هذه القراءة غير فصيحة غاية الأمر فيه أنها مرجوحة ولا يلزم من المرجوحية عدم الفصاحة قوله: (وفيه ضعف من جهات) أي: ثلاثة قوله: (إسكان آخر الماضي) أي: مع أنه مبني على الفتح وفيه أنه لا بعد في تخفيف الياء بالإسكان ولا بعد أيضاً في إقامة المصدر مقام الفاعل؛ لأن اقتضاء الفعل للمصدر أبلغ من اقتضائه للمفعول به؛ لأن كل فعل متعد أو لازم لا بد له من مصدر إلا ما شذ فكان قيامه مقام الفاعل أولى من قيام المفعول به خصوصاً في موضع يكون الغرض منوطاً بذكر الفعل وهو النتيجة ههنا وإذا أقيم المصدر مقام الفاعل نصب المؤمنين بالفعل؛ لأن المصدر قام مقام الفاعل فيبقى المؤمنين مفعولاً. به صريحاً والتقدير ونجى النجاء المؤمنين اهـ شمني. قوله: (وإنابة ضمير المصدر) أي: مناب الفاعل قوله: (مع أنه مفهوم من الفعل) أي: فإسناد الفعل له لا يفيد.