حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (عل) بلام خفيفة

صفحة 421 - الجزء 1

  العاملين تنازعا «زيداً»؛ فيحتمل الإضمار في «عسى» على إعمال الثاني؛ فإذا قلت: «عَسى أَنْ يضْربَ زَيْدٌ عَمْراً» فلا يجوز كون «زيد» اسم «عسى»، لئلا يلزم الفصل بين صلة «أن» ومعمولها وهو «عمراً» بالأجنبي وهو «زيد»؛ ونظير هذا المثال قوله تعالى: {أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}⁣[الإسراء: ٧٩] ..

  · (عَلُ) بلام خفيفة - اسم بمعنى «فَوْق»، التزموا فيه أمرين؛ أحدهما: استعماله مجروراً بـ «من»؛ والثاني: استعماله غير مضاف، فلا يقال: «أَخَذْتُهُ مِنْ عَلِ السطح» كما يقال: «مِنْ عَلْوِه، ومن فَوْقِه». وقد وهم في هذا جماعة منهم الجوهري وابن مالك، وأما قوله [من الرجز]:

  ٢٥٢ - يا رُبَّ يَوْمِ لِيَ لاَ أُظَلَّلُهُ ... أَرْمَضُ مِنْ تَحْتُ وَأَضْحَى مِنْ عَلُهْ


  الخ) استدراك على قوله ولكن يكون الإضمار الخ، وهذا الاستثناء متصل والمستثنى منه عام محذوف، أي: ولكن يكون الإضمار في يقوم لا في عسى كل وقت إلا وقت أن يقدر العاملين تنازعاً الخ، واللهم معترض قوله: (فلا يجوز الخ) أي: والجائز مما هو جعل زيد فاعلاً بضرب وعمراً مفعوله والجملة فاعل عسى وهي حينئذ تامة لا ناقصة. قوله: (عسى أن يبعثك ربك الخ) هذا فيه حسن اختتام فلا يجوز كون ربك اسم عسى للروم المحذور المذكور وهو الفصل بالأجنبي بين يبعث ومعموله الذي هو مقاماً.

  (عل) قوله: (غير مضاف) أي: لفظاً، أما معنى فتارة يكون مضافاً بأن ينون معنى المضاف إليه فيبني حينئذ على الضم وتارة يكون غير مضاف في المعنى واللفظ فيعرب مجروراً بمن قوله: (من على السطح) بالجر؛ لأنه لو استعمل مضافاً لجر. قوله: (من علوه) بسكون اللام مع ضم العين وكسرها بمعنى فوقه. قوله: (وقدوهم في هذا) أي: في الأمر الثاني جماعة فقالوا بجواز إضافتها. قوله: (لا أظلله) أي: لا أظلل فيه وقوله: أرمض فعل مضارع من رمض يرمض كسمع يسمع ومعناه تصيبني حرارة الرمضاء من تحتي. قوله: (أرمض) بفتح الهمزة مبني للفاعل، أي: أرمض من تحتي، أي: يصيبني حر الرمضاء من تحتي وقوله وأضحى، أي: أبرز للشمس فيه وأصبر لحرها من فوقي


٢٥٢ - التخريج: الرجز لأبي مروان في (شرح التصريح ٢/ ٣٤٦؛ ولأبي الهجنجل في شرح شواهد المغني ١/ ٤٤٨؛ ومجالس ثعلب ص ٤٩٨؛ ولأبي ثروان في المقاصد النحوية ٤/ ٥٤٥؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة. ص ١٣١٨؛ وخزانة الأدب ٢/ ٣٩٧؛ والدرر ٣/ ٩٧، ٦/ ٣٠٥؛ وشرح الأشموني ٢/ ٣٢٣، ٣/ ٧٦٠؛ وشرح عمدة الحافظ الهوامع ص ٩٨١؛ وشرح المفصل ٤/ ٨٧؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٠٣، ٢/ ٢١٠).

شرح المفردات أظلله: أي أظلل فيه. أرمض: أشعر بشدّة الحرّ. أضحى: أصاب بالشمس.

المعنى: يصوّر الشاعر يوماً شديد الحرّ فيقول: إنه لم يجد شيئاً يتظلل فيه، فكانت قدماه تحترقان من تحت، وجسمه يحترق من تعرّضه للشمس من فوق.