تنبيه - اعتراض «لا» بين الجار والمجرور في نحو «غضبت من لا شيء»،
  والانقطاع؛ فعلم أنهم قد يريدون بالزَّائِد المعترِضَ بين شيئين مُتَطَالبَيْنِ، وإن لم يصح أصل المعنى بإسقاطه كما في مسألة «لا» في نحو «غَضِبْتُ مِنْ لَا شَيْءٍ»؛ وكذلك إذا كان يفوت بفواته معنى كما في مسألة «كان»، وكذلك «لا» المقترنة بالعاطفة في نحو: «ما جاءني زيد ولا عمرو»، ويسمونها زائدة وليست بزائدة ألبتة، ألا ترى أنه إذا قيل: «ما جاءني زيد وعمرو»، احتمل أن المراد نفي مجيء كل منهما على كل حال، وأن يراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء؛ فإذا جيء بـ «لا» صار الكلام نصا في المعنى الأول، نعم هي في قوله سبحانه: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ}[فاطر: ٢٢] لمجرد التوكيد، وكذا إذا قيل: «لا يستوي زيد ولا عمرو».
  تنبيه - اعتراض «لا» بين الجارّ والمجرور في نحو «غضبت من لا شيء»، وبين النَّاصِبِ والمنصوب في نحو {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ}[البقرة: ١٥٠]، وبين الجازمِ والمجزوم في نحو {إِلَّا تَفْعَلُوهُ}[الأنفال: ٧٣]، وتَقَدُّمُ معمول ما بعدها عليها في نحو: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}[الأنعام: ١٥٨] الآية، دليل على أنها ليس لها الصدر، بخلاف «ما»، اللهم إلا أن تقع في جواب القسم؛ فإن الحروف التي يُتَلَقَّى بها القسم كلها لها الصدر ولهذا قال سيبويه في قوله [من البسيط]:
  آلَيْتُ حَبَّ العِرَاقِ الدَّهْرَ أَطْعَمُهُ ... [وَالْحَبُّ يَأْكُلُهُ فِي الْقَرْيَةِ السُّوسُ]
  على انقطاع على الصحيح وإنما لها دلالة على المضي فقط والاستمرار والانقطاع موكول إلى القرينة اهـ دماميني.
  قوله: (وكذلك الخ) أي: كما أن لا المعترضة بين الخافض والمخفوض تسمى زائدة كذلك لا المقترنة بالعاطف تسمى زائدة. قوله: (نعم الخ) استدراك على ما يتوهم أنه كلما جاءت لا بعد النفي يتوقف عليها المعنى فدفع ذلك بقوله نعم الخ. قوله: (لمجرد التوكيد) أي: لأن المعنى لا يقع الاستواء بينهما ذكرت لا أم لا ولا يتوهم أن المعنى وما يستوي أحدهما دون الآخر؛ لأن الاستواء لا يكون إلا بين متعدد. قوله: (لمجرد التوكيد) لأن نفي انصباب النفي على كل واحد علم من الاستواء؛ لأنه لا يكون إلا بين متعدد وإنما المعنى لا يقع الاستواء بينهما ذكرت لا أو لا. قوله: (اعتراض لا) مبتدأ وقوله: وتقدم عطف عليه، وقوله دليل خبر. قوله: (لئلا يكون) فالناصب أن والمنصوب يكون. قوله: (إلا تفعلوه) أي: فقد زيدت بين الجازم وهو إن والمجزوم وهو تفعلوه. قوله: (لا ينفع نفساً إيمانها) أي: فيوم معمول لينفع والأصل لا ينفع نفساً إيمانها يوم يأتي الخ. قوله: (دليل) أي: هذان الأمران دليل. قوله: (بخلاف ما) أي: النافية فإن لها الصدر. قوله: (ولهذا) أي: لأجل كونها إذا وقعت في جواب القسم لها الصدر قال الخ.