حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثالث: العطف بشرط كون المعطوف أو المعطوف عليه مما يسوع الابتداء به

صفحة 46 - الجزء 3

  نصباً، نحو: «أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»، و «أَفْضَلُ مِنْكَ جاءني»، إذ الظرف منصوب المحل بالمصدر والوصف؛ أو جَرَّا، نحو: «غلامُ امرأة جاءني»، و «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله»؛ وشَرْط هذه: أن يكون المضاف إليه نكرة كما مثَلْنَا، أو معرفة والمضاف مما لا يتعرَّف بالإضافة، نحو: «مِثْلُكَ لاَ يَبْخَلُ»، و «غَيْرُكَ لا يَجُودُ». وأما ما عدا ذلك فإن المضاف إليه فيه معرفة لا نكرة.

  والثالث: العطف بشرط كون المعطوف أو المعطوف عليه مما يَسُوعُ الابتداء به، نحو: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}⁣[محمد: ٢١] أي: أمْثَلُ من غيرهما، ونحو: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}⁣[البقرة: ٢٦٣]؛ وكثير منهم أطلق العطف وأهمل الشرط، منهم ابن مالك، وليس من أمثلة المسألة ما أنشده من قوله [من الطويل]:


  فلا يطلب له مسوغ فالأولى التمثيل بنحو ضرب الزيدان حسن.

  قوله: (وأفضل منك الخ) مقتضى كلامه السابق أن هذا من الوصف إذ الأصل رجل أفضل منك. قوله: (إذ الطرف) أي: الجار والمجرور في المثالين. قوله: (المصدر) أي: في المثال الأول وقوله والوصف أي في الثاني قوله: (وشرط هذه) أي: النكرة العاملة للجر وفيه أن الموضوع في النكرة ومتى أضيف لمعرفة كان معرفة فالشرط محرز له الموضوع فلا حاجة له تأمل قوله: (ما عدا ذلك) أي: وهو ما إذا كانت النكرة مضافة لمعرفة وتتعرف نحو غلام زيد قوله (مما يسوغ الابتداء به) أي: لو انفرد فإذا كان المعطوف نكرة محضة والمعطوف عليه نكرة لها مسوغ فإن المعطوف يجوز الابتداء به والمعطوف مسوغ له، وكذا إذا كان المعطوف له مسوغ والمعطوف عليه لا مسوغ له فالعطف مسوغ حينئذ للابتداء بالمعطوف عليه، فإن قلت لا نسلم أن مجرد العطف مسوغ مع وجود المانع إذ النكرة لو انفردت لا يجوز الابتداء بها وكيف العطف يصيرها مفيدة؛ قلنا حرف العطف لما شرك بين المتعاطفين ما يصح الابتداء به وما لا يصح صيرهما كالشيء الواحد فكان المسوغ في أحدهما بمنزلته في الآخر. قوله: (طاعة) هو مبتدأ، وقول عطف عليه ومعروف صفة لقول ولولا عطف قول معروف على طاعة ما صح الابتداء بها. قوله: (أي أمثل من غيرهما) أي: فالخبر محذوف ولك أن تجعلها خبراً والمبتدأ محذوف أي المطلوب منا قول معروف قوله: (قول معروف) هذا مثال لما إذا كان المعطوف عليه له المسوغ وعطف عليه ما لا مسوغ له عكس المثال الأول.

  قوله: (معروف) هو مبتدأ والمسوغ للابتداء به الوصف به بمعروف ومغفرة عطف عليه والمسوغ للابتداء به العطف ويحتمل أن المسوغ للابتداء بكل منهما قصد الجنس نحو رجل خير من امرأة أو العموم لأن النكرة في الإثبات قد تعم ويأتي للمصنف في الباب الخامس أن قول خبر لمحذوف أي إلا مثل قول، وعلى هذا فقوله ومغفرة خير من صدقة جملة مستأنفة وسوغ الابتداء فيها بالنكرة قصد الجنس أو العموم قوله: (وأهمل الشرط)