حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثاني شرطه كون الثانية أوفى من الأولى بتأدية المعنى المراد

صفحة 495 - الجزء 2

  والثاني شَرطُه كونُ الثانية أوفى من الأولى بتأدية المعنى المراد، نحو: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ١٣٢ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ١٣٣ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ١٣٤}⁣[الشعراء: ١٣٢ - ١٣٤] فإن دلالة الثانية على نعم الله مفصلة، بخلاف الأولى، وقوله [من الطويل]:

  ٦٧١ - أقُولُ لَهُ أَرْحَلْ لاَ تُقِيمَنْ عِنْدَنَا ... [وَإِلا فَكُنْ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ مُسْلِمَا]

  فإن دلالة الثانية على ما أراده من إظهار الكراهية لإقامته بالمطابقة، بخلاف الأولى.

  قيل: ومن ذلك قوله [من الطويل]:

  ٦٧٢ - ذَكَرْتُكِ وَالْخَطْيَّ يَخْطِرُ بَيْنَنَا ... وَقَدْ نَهِلَتْ مِنَّا المُثقَفَةُ السَّمْرُ


  قوله: (والثاني) أي: الوقوع في باب البدل قوله: (بما تعلمون) أي: من النعم. قوله: (بخلاف) أي: الأولى فإن دلالتها على نعم الله غير مفضلة واعترض بأن الجملة الأولى صلة الموصول لا محل لها وحينئذ فلتكن الجملة الثانية أيضاً كذلك وهذا بخلاف الموضوع أعني الجملة التابعة لما لها محل واعتذر عنه بأن الغرض بالمثال كون الجملة الثانية أوفى من الأولى وبدلاً منها بقطع النظر عما نحن فيه من كون الأولى لها محل. قوله: (ارحل) في محل نصب مقول القول وقوله لا تقيمن بدل من ارحل فيكون في محل نصب واعترض بأن قوله لا تقيمن من جملة القول وقد سبق أن جزء المقول لا محل له وحينئذ فلا يصح جعله بدلاً والجواب أن ما هنا مبني على ما قاله غيره من البيانيين وبعض النحاة أن جزء المقول له محل وأما ما سبق فهو الذي حققه هو أو أن ما تقدم مخصوص بما إذا استقل كل جزء بمعنى أما إذا اتحد المراد منهما فكل له محل لصلاحيته لتمام المقولية أو يجاب بأن الغرض التمثيل لكون الثانية بدلاً من الأولى لكونها أوفى منها بقطع النظر عما نحن فيه من كون الأولى لها محل قوله: (من إظهار الكراهية) بيان لما أراده واعلم أن مدلول ارحل المطابقي طلب الرحيل وعدم الإقامة في هذا المكان ويلزمه الكراهية لإقامته وأما قوله لا تقيمن فيدل مطابقة على إظهار الكراهية لإقامته مطابقة هذا كلامه ورد بأن مدلول لا تقيمن المطابقي النهي والكف عن الإقامة ويلزمه كراهية الإقامة والجواب أن لا تقيمن يدل عرفاً مطابقة على إظهار الكراهية بخلاف ارحل والاعتراض مبناه النظر للمعنى اللغوي لا العرفي قوله: (بالمطابقة) خبر إن والمراد بالمطابقة العرفية فإنه اشتهر في إظهار الكراهية عرفاً قوله (بخلاف الأولى) أي: فإن دلالتها على ذلك بالالتزام. قوله: (والخطي) بفتح الخاء وكسر الطاء مشددة أي: الرمح المنسوب إلى خط


٦٧١ - التخريج: البيت بلا نسبة في (خزانة الأدب ٥/ ٢٠٧، ٨/ ٤٦٣؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٤٠؛ وشرح التصريح ٢/ ١٦٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٣٩؛ ومجالس ثعلب ص ٩٦؛ ومعاهد التنصيص ١/ ٢٧٨؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢٠٠).

المعنى: اذهب وانتقل عنا، أو ابق صالحاً بإسلامك بيننا قلباً وقالباً، باطناً وظاهراً.

٦٧٢ - التخريج: البيت لأبي العطاء السندي في (شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٦؛ وشرح =