أحدها: كون الجملة خبرية
  وصفها بالمعرفة فقال في قوله تعالى: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ}[المائدة: ١٠٧] إن «الأَوْلَيَانِ» صفة لـ «آخران» لوصفه بـ «يقومان»، ولك أن تقدرها حالاً من المعرفة وهو الضمير في {مُبَارَكٌ}، إلا أنه قد يضعف من حيث المعنى وَجْها الحال؛ أما الأول فلأن الإشارة إليه لم تقع في حالة الإنزال كما وقعت الإشارة إلى «البغل» في حالة الشيخوخة في {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}[هود: ٧٢]، وأما الثاني فلاقتضائه تقييد البركة بحالة الإنزال، وتقول «ما فيها أحَدٌ يقرأ» فيجوز الوجهان أيضاً؛ لزوال الإبهام عن النكرة بعمومها.
  ومثال النوع الرابع - وهو المحتمل لهما بعد المعرفة - {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة: ٥]: فإن المعرف الجنسي يقرب في المعنى من النكرة؛ فيصح تقدير {يَحْمِلُ} حالاً أو وصفاً، ومثله {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}[يس: ٣٧] وقوله [من الكامل]:
  وَلَقَدْ أَمر عَلَى اللئِيمِ يَسُبُنِي ... [فَمَضَيْتُ ثُمَّةٍ قُلْتُ: لَا يَعْنِينِي]
  وقد اشتمل الضابط المذكور على قيود.
  أحدها: كون الجملة خبرية، احترزت بذلك من نحو: «هذا عَبْد بِعتكه» تريد
  حال من ضمير لا تقربوا قوله (فآخران يقومان مقامهما) أي: في توجه اليمين عليهما وقوله: من الذين استحق عليهم أي: الوصية وهم الورثة وقوله: الأوليان بالميت، أي؛ الأقربان إليه بدل من آخران أو صفة له كما قال أبو الحسن قوله: (ولك أن تقدرها) أي: جملة أنزلناه أو المراد بتقديرها جعلها قوله: (وجها الحال الخ) بالتثنية؛ لأن الحال إما من النكرة أو من ضمير مبارك قوله: (أما الأول) أي: أما تضعيف الوجه الأول وهو أنه حال من ذكر وحاصله أن الحال قيد في عاملها والعامل هنا الإشارة فيفيد أن الإشارة تقيده بالإنزال مع أن الإشارة إليه ليست في وقت إنزال جميعه.
  قوله: (وأما الثاني) أي: وما تضعيف الثاني وهو أنه حال من ضمير مبارك ويكون العامل مبارك فالحال قيد فيه. قوله: (يحمل أسفاراً) أي: فهو حال من حمار وإن كان مضافاً إليه لكون المضاف كالجزء في صحة السقوط إذ يقال مثله كالحمار والضمير حينئذ راجع للمضاف إليه وهو كثير منه كمثل آدما خلقه أهل قرية استعطما أهلها نعم إذا احتمل عود الضمير للمضاف أو المضاف إليه فالأولى عوده على المضاف لأنه المحدث عنه والمضاف إليه قيد لتعيينه إلا أن يكون المضاف لفظ كل أو بعض لأنهما سور والمقصود ما بعدهما. قوله: (وقد اشتمل الضابط) أي: السابق عند الترجمة وهو قوله الجملة الخبرية الخ.