حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الحادي والعشرون: التوكيد

صفحة 22 - الجزء 2

  تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥}⁣[مريم: ٥]، وفي الخلاصة؛ ومثل له ابنه بالآية، وبقولك: «قلت له افعل كذا»، ولم يذكره في التسهيل ولا في شرحه، بل في شرحه أنَّ اللام في الآية لشبه التّمليك، وأنها في المثال للتبليغ، والأولى عندي أن يمثل للتَّعْدية بنحو: «ما أضْرَبَ زيداً لِعَمْرِو، وما أحَبَّهُ لبكر».

  الحادي والعشرون: التوكيد، وهي اللام الزائدة، وهي أنواع:

  منها اللام المعترضة بين الفعل المتعدّي ومفعوله، كقوله [من الطويل]:

  ٣٥٧ - وَمَنْ يَكُ ذا عَظْمِ صَلِيبٍ، رَجَا بِهِ ... لِيَكْسِرَ عُودَ الدِّهْرِ، فَالدَّهْرُ كَاسِرُهُ

  وقوله [من الكامل]:


  قوله: (ما أضرب زيداً لعمرو الخ) اعلم أن ضرب أصله متعد ثم لما أريد التعجب وهو لا يكون إلا من اللازم حول ضرب إلى باب ضرب فصار لازماً فتقول ما أضرب زيداً، ثم تدخل اللام على عمرو الذي هو المفعول في الأصل لأن الأصل ضرب زيد عمراً ضرباً شديداً، فإذا أريد التعجب يؤتى بأفعل التعجب والهمزة تصير الفعل اللازم متعدياً لمفعول كان في الأصل فاعلاً ثم يؤتى باللام جارة للمفعول الأصلي. قوله: (وهي اللام الزائدة) أي: لأن الحرف الزائد ينزل منزلة تكرير الجملة. قوله: (وهي أنواع) أي: ذات أنواع. قوله: (ومفعوله) أي: فقولك ضربت لزيد فضربت يتعدى بنفسه فدل على أن اللام زائدة لا أنها لام كي. قوله: (ومن يك) قبله:

  ومن يبق ما لا عدة وصيانة ... فلا الدهر مبقيه ولا الشح وافرة

  قوله: (صليب) أي: قوي قوله: (به) متعلق برجا لا بيكسر لئلا يلزم تقدم معمول صلة الحرف المصدري على الموصول الحرفي، وفيه أنه قد سمع ذلك في قوله:

  كان جزائي بالعصا أن أُجلدا

  وخرجه بعضهم على الضرورة ولكن لنا عنه في البيت مندوحة فلا نرتكبه. قوله: (ليكسر) مفعول رجال وهو يتعدى بنفسه واللام زائدة حينئذ والأصل رجاء كسر عود لا إن اللام لام كي. قوله: (ليكسر عود الدهر) أي: مبالغة الزمان والعلو عليه. قوله: (وقوله) هو لابن ميادة يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك وبعده:


٣٥٧ - التخريج البيت لنصيب في (البيان والتبيين ٣/ ٧٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٧٩؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ ولتوبة بن الحمير في المؤتلف والمختلف ص ٦٨؛ وبلا نسبة في البيان والتبيين ٤/ ٩١).

اللغة: الصليب: الصلب المتين.

المعنى: من ظنّ قوته وصلابته قادرة على الانتصار على الزمان فهو واهم، فالدهر يكسر أصلب العظام وأقساها، ويُذلّ أكبر المستكبرين وأعتاهم.