حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة - الفاء في نحو: {بل الله فاعبد}

صفحة 455 - الجزء 1

  كَفَرُوا بِهِ}⁣[البقرة: ٨٩]، فقيل: جواب «لمّا» الأولى «لما» الثانية، وجوابها، وهذا مردود لاقترانه بالفاء، وقيل: {كَفَرُوا بِهِ} جواب لهما، لأن الثانية تكرير للأولى، وقيل: جواب الأولى محذوف؛ أي أنكروه.

  مسألة - الفاء في نحو: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ}⁣[الزمر: ٦٦] جواب لـ «أما» مقدرة عند بعضهم، وفيه إجحاف؛ وزائدة عند الفارسي، وفيه بغد؛ وعاطفة عند غيره. والأصل: تَنَبَّه فاعبد الله، ثم حُذف «تنبه»، وقُدم المنصوب على الفاء إصلاحاً للفظ كيلا تقع الفاء صَدْراً، كما قال الجميعُ في الفاء في نحو: «أما زيداً فاضرب»، إذ


  قوله: (كفروا به) أي: حسداً أو خوفاً على الرياسة قوله: (فقيل الخ) هذا القول للفراء والقول الذي بعده للأخفش والزجاج. قوله: (الاقترانه بالفاء) أي: وجوب لما لا يقترن بها. قوله: (جواب لهما) أي معاً وليس المراد أنه جواب للثانية ودل على جواب الأولى بدليل قول لأن الثانية الخ. قوله (تكرير للأولى) أي: فهما كشيء واحد فيكتفيان بجواب واحد وقال أبو حيان ذهب المبرد إلى أن الجواب للأولى وكررت لما لطول الكلام وهو حسن إلا أن الفاء تمنع من التأكيد. قوله: (وقيل جواب الأولى محذوف) أي: فالفاء لعطف الجملة الثانية على الأولى وهذا القول هو للزجاجي. قوله: (في نحو بل الله فاعبد) أي: من كل فاء وقعت قبل جملة إنشائية وقبل الفعل قوله: (عند بعضهم) أي: أما الله فاعبد. قوله: (وفيه إجحاف) أي: لأن أصله أما مهما يكن من شيء فاعبد الله ثم حذفت مهما ويكن وعوض أما عنهما، فلزم اقتران أما والفاء فقدم المفعول وفصل به بينهما، وإذا حذفت أما لزم حذف على حذف وهو إجحاف وحينئذ فلا يصح جعلها جواباً بالأما واعترض بأن له نظير أو هو حرف النداء، فإنه نائبة عن أدعو ويحذف كما في قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}⁣[يوسف: ٢٩] أو الجواب أن جعل الفاء هنا واقعة في جواب أما فيه دعوى حذف على حذف من غير دليل وهو إجحاف بخلاف حرف النداء فلا يحذف إلا لدليل فلا إجحاف في حذفه.

  قوله: (وفيه بعد) أي: من حيث أن الأصل عدم الزيادة فلم تثبت بيقين حتى يخرج عليها التنزيل خصوصاً والتأويل ممكن قوله: (وعاطفة عند غيره) وفي نسخة عند غيرهما، وقوله: عاطفة أي: لجملة إنشائية على مثلها؛ لأن تنبه إنشاء كما ان اعبدوا الله إنشاء. قوله: (قال الجميع) أي: أنه حذفت مهما يكن وأقيمت أما مقامه، ثم قدم المفعول وهو زيد إصلاحاً للفظ هكذا كلامه وهو خلاف التحقيق والتحقيق أن الأصل مهما يكن من شيء فزيداً اضرب، ثم أقيمت أما مقام مهما يكن فصار أما فزيداً اضرب، ثم زحلقت الفاء عن محلها لئلا يلزم وقوع الفاء في محل الشرط، فلما أخرت صار زيداً واقعاً مقام فعل الشرط، فإذا علمت أن الفاء زحلقت عن محلها فلا تكون مانعة من عمل ما بعدها فيما وأما على ظاهر المصنف هنا فيلزم عليه إيراد حاصله أن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها؛