حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

التنبيه الثاني

صفحة 353 - الجزء 3

  أن التقدير: ولكن أنا، ووجهوه بأنَّ لكن تُشبه الفعلَ فلا تدخل عليه، وبيان كونها داخلة عليه أن «متى» منصوبة بفعل الشرط، فالفعل مُقَدَّم في الرتبة عليه؛ ورَدَّه الفارسي بأن المشبه بالفعل هو لكن المشدّدة لا المخفّفة، ولهذا لم تعمل المخففة لعدم اختصاصها بالأسماء، وقيل: إنما يحتاج إلى التقدير إذا دخلت عليها الواو لأنها حينئذ تخلص لمعناها، وتخرج عن العطف.

  التنبيه الثاني - شرطُ الدَّليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف، فلا يجوز «زَيْدٌ ضَارِبٌ وَعَمْرُو» أي ضارب، وتريد بضارب المحذوف معنَى يُخالف المذكور: بأن يقدر أحدهما بمعنى السفر من قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}⁣[النساء: ١٠١]، والآخر بمعنى الإيلام بالمعروف؛ ومن ثَمَّ أجمعوا على جواز «زيد قائم و عمرو، وإن زيداً قائم وعمرو»، وعلى منع «ليت زيداً قائم وعمرو»، وكذا في لعل وكأنَّ، لأن الخبر المذكور مُتَمَنِّى أو مُترجى أو مشبه به والخبر المحذوف ليس


  قوله: (بأن لكن تشبه الفعل) أي: لأن معناها أستدرك قوله: (فلا تدخل عليه) أي: على الفعل قوله: (فالفعل مقدم في الرتبة عليه) أي: على الشرط وحينئذ فلكن داخلة على الفعل قوله: (ولهذا الخ) قد يقال إن المشددة مشبهة للفعل لفظاً ومعنى، وأما المخففة فهي مشبهة في المعنى، وحينئذ فيمكن أن سيبويه اكتفى بالشبه المعنوي ووجه كون المشددة مشبهة للفعل لفظاً لبنائها على الفتح كالماضي، وأما معنى فلأنها بمعنى استدركت قوله: (لعدم اختصاصها بالأسماء) لا نسب لعدم شبهها بالفعل. قوله: (ولمعناها) أي: الاستدراك قوله: (اللفظي) أي: المقالي. قوله: (أن يكون طبق المحذوف) أي: موافقاً له لفظاً ومعنى كما في زيداً ضربته أو معنى فقط نحو زيداً مررت به وبعضهم لا يشترط التطابق المعنوي بل يكفي عنده كون لفظ المحذوف كلفظ المذكور، وإن اختلف المعنيان قوله: (والآخر بمعنى الإيلام المعروف) ليس هذا معناه الموضوع له لغة بل معناه المقصود منه لأن الضرب لغة اسم لفعل بصورة معلومة وهو استعمال آلة التأديب في محل صالح للتأديب والمعنى المقصود هو الإيلام، فإن المقصود من هذا الفعل ليس إلا الإيلام وهذا لو حلف لا يضرب فلاناً فضربه بعد موته لا يحنث لفوات معنى الإيلام.

  قوله: (أجمعوا على جواز زيد قائم وعمرو) أي: قائم فقائم المذكور دليل على المحذوف الواقع خبراً عن عمرو مطابق له في اللفظ والمعنى، وكذا يقال في أن زيداً قائم وعمرو والواو في المثالين عاطفة لجملة على جملة قوله: (متمني) قال الشمني كذا في


= يقول: لست ممن يسكنون الأودية خوفاً من الأعداء، أو من الضيوف، ولكن متى يطلبني قومي للمساعدة أسارع بلا إبطاء.