حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

المسألة الرابعة: فيما يحتمل من الأوجه

صفحة 109 - الجزء 3

  وقال الفراء: بحسب ما قبله؛ فمحله بين المبتدأ والخبر رفع، وبين معمولي «ظنّ» نصب وبين معمولي «كان» رفع عند الفراء، ونصب عند الكسائي، وبين معمولي «إِنَّ» بالعكس.

المسألة الرابعة: فيما يحتمل من الأوجه.

  يحتمل في نحو: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}⁣[المائدة: ١١٧]، ونحو: {إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ}⁣[الأعراف: ١١٣] الفَضلية، والتوكيد دون الابتداء لانتصاب ما بعده، وفي نحو: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ١٦٥}⁣[الصافات: ١٦٥]، ونحو: «زَيْدٌ هُوَ العالم»، و «إِنَّ عمراً هو الفاضل» الفضلية والابتداء، دون التوكيد لدخول اللام في الأولى ولِكَوْنِ ما قبله ظاهراً في الثانية، والثالثة، ولا يؤكَّد الظاهر بالمضمر لأنه ضعيفٌ والظاهر قوي؛ ووهم أبو البقاء، فأجاز في {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ٣}⁣[الكوثر: ٣] التوكيد، وقد يريد أنه توكيد لضمير مستتر في {شَانِئَكَ} لا لنفس شانئك. ويحتمل الثلاثة في نحو: «أنْتَ أَنْتَ الْفَاضِلُ»، ونحو: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}⁣[المائدة: ١٠٩، ١١٦]، ومَنْ أجاز إبدال الضمير من الظاهر أجاز في نحو: «إنَّ زيداً هو الفاضل» البَدَليَّة؛ ووهم أبو البقاء، فأجاز في {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا}⁣[المزمل: ٢٠] كونَه بدلاً من الضمير المنصوب.

  ومن مسائل الكتاب «قد جَرَّبْتُكَ فَكُنْتَ أَنْتَ أَنْتَ» الضميرانِ مبتدأ وخبر، والجملة خبر «كان»، ولو قَدَّرْتَ الأول فضلاً أو توكيداً لقلت: «أنت إياك».


  قوله: (فمحله بين المبتدأ والخبر رفع) أي: باتفاق الكسائي والفراء، وقوله وبين معمولي ظن نصب أي باتفاقهما قوله (وبين معمولي كان رفع) أي: بحسب ما قبله، وقوله ونصب عند الكسائي أي. ما بحسب بعده.

  قوله: (فيما يحتمل من الأوجه) أي بالنظر له في حد ذاته بقطع النظر عن كونه ضمير فصل أو غير فصل وإلا تأتى أوجه. قوله: (لدخول اللام الخ) أي: لأن اللام تدخل على المبتدأ وتدخل على ضمير الفصل ولا تدخل على التوكيد قوله: (التوكيد) أي: فظاهر كلام أبي البقاء أن الضمير توكيد لشانئك ولا شك أنه وهم لأن الاسم الظاهر لا يؤكد بالضمير قوله: (وقد يريد الخ) جواب عنه. قوله: (مستتر في شانئك) أي: لأن شأني اسم فاعل بمعنى مبغض واعترض على المصنف بأنه إذا كان كلامه يحتمل وجهاً صحيحاً فلا معنى للاعتراض على أبي البقاء من أول الأمر قوله: (البدلية) أي: وعلى كل حال فالتوكيد ممنوع والجائز أمور ثلاثة وهي الفصل والبدلية والمبتدأ ويمتنع التوكيد. قوله: (ووهم أبو البقاء) أي: لأن إبدال الضمير من ضمير موافق له في الغيبة والحضور لا