العاشر: العاملان في باب التنازع
  فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[آل عمران: ٧٦]، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ٥٦}[المائدة: ٥٦] وقول الشاعر [من الوافر]:
  ٧٥٠ - فَمَنْ تَكُنْ الْحَضَارَةُ أَعْجَبَتْهُ ... فَأَيَّ رِجَالِ بَادِيَة ترانا؟
  فقال الزمخشري في الآية الأولى: إن الرابط عموم المتقين، والظاهر أنه لا عموم فيها، وأن «المتقين» مساوون لمن تقدم ذكره، وإنما الجواب في الآيتين والبيت مَحْذُوف وتقديره في الآية الأولى: يحبه، وفي الثانية: يغلب، وفي البيت: فلسنا على صفته.
  العاشر: العاملان في باب التنازع فلا بد من ارتباطهما إما بعاطف كما في «قَامَ وَقَعَدَ أَخَوَاكَ» أَو عَمَلِ أَوَّلهما في ثانيهما، نحو: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ٤}[الجن: ٤]، {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ٧}[الجن: ٧] أو كون ثانيهما جواباً للأول، إما جوابية الشرط نحو: {تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ}
  الضمير العائد عليها قوله: (الحضارة) بفتح الحاء وكسرها ضد البداوة بكسر الباء وفتحها والحضارة سكنى الحاضرة كما أن البداوة سكنى البادية وأي مفعول ثان لترانا وانا مفعوله الأول والفاعل ضمير المخاطب وأي للتمام والتعجب أي ترانا تامين في الكمالات رجال البادية أي من أهلها وبعد البيت:
  ومن ربط الجحاش فإن فينا ... قنا سلبا وأفراسا حسانا
  وقوله سلباً أي طوالاً والبيئان للقطامي. قوله: (يحبه الله) لأنه مجزوم جواب الشرط وقوله فإن الله دليل الجواب وكذا ما بعده قوله: (فلسنا على صفته) أي: لأنك ترانا تامين في الكمالات من أهل البادية قوله: (كما في قاما وقعد) أي: إذا أعلمت الثاني والرابط الواو. قوله: (في ثانياً) يعني في جملته فاندفع الاعتراض قوله: (وأنه كان يقول الخ) فسفيهنا تنازعه كان ويقول وأعمل الثاني واسم كان مستتر عائد على السفيه ولا شك أن العامل الثاني وهو يقول معمول كان لأنه خبرها وفيه تسمح لأن خبر كان جملة يقول سفيهنا. قوله: (أن لن يبعث الخ) تنازع أنهم ظنوا وظننتم وأعمل الثاني وأضمر في الأول وحذفه لكونه فضلة وكما ظننتم معمول لظنوا وما موصولة أو مصدرية وفي جعل ظننتم ولاً لظنوا تسمح به المعمول كما ظننتم قوله: (رسول الله) تنازعه تعالوا على تضمينه
٧٥٠ - التخريج: البيت للقطامي في (ديوانه ص ٧٦؛ ولسان العرب ٤/ ١٩٧ (حضر)؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ١١١؛ ولسان العرب ١٤/ ٦٨ (بدا)).
المعنى: إذا كان البعض يميل إلى التنعم في الحواضر والميل إلى الرخاء والكسل، فنحن لسنا منهم، إننا نحمل صفات رجال العروبة الأقحاح، ما زالت البداوة والفروسية تجري في عروقنا.