حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القاعدة الخامسة

صفحة 539 - الجزء 3

القاعدة الخامسة

  أنهم يعبرون بالفعل عن أمور:

  أحدها: وقوعه؛ وهو الأصل.

  والثاني: مشارفته؛ نحو: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣١]، أي: فشارفن انقضاء العدة {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ}⁣[البقرة: ٢٤٠]، أي: والذين يُشارفون الموت وتَرْك الأزواج يوصون وصية، {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً}⁣[النساء: ٩]، أي: لو شارفوا أن يتركوا، وقد مضت في فصل «لو» ونظائرها؛ ومما لم يتقدّم ذكره قوله [من الطويل]:

  ٩٢٦ - إلى مَلِكِ كَادَ الْجِبَالُ لِفَقْدِهِ ... تَزُولُ، وَزَالَ الرَّاسِيَاتُ مِنَ الصَّخْرِ

  الثالث: إرادته؛ وأكثر ما يكون ذلك بعد أداة الشرط، نحو: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}⁣[النحل: ٩٨]، {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا}⁣[المائدة: ٦]، {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ}⁣[البقرة: ١١٧] و [آل عمران: ٤٧]، {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}⁣[المائدة: ٤٢]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}⁣[النحل: ١٢٦]، {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المجادلة ٩]، {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا}⁣[المجادلة: ١٢] الآية، {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}⁣[الطلاق: ١]، وفي الصحيح:


  قوله: (أحدها وقوعه) نحو قام زيد وضرب زيد عمراً قوله: (أي فشارفن انقضاء العدة) أي: لأنه إذا مضت العدة فلا إمساك. قوله: (أي: لو شارفوا أن يتركوا) أي: لأنهم إذا ماتوا لم يتأت حصول خوف منهم قوله: (وقد مضت) أي: هذه الآية. قوله: (وزال الراسيات) أي: شارفت الزوال؛ لأن الراسيات من الصخر لم تزل بالفعل. قوله: (إرادته) أي: إرادة وقوع الفعل قوله: (فإذا قرأت القرآن) أي: أردت القراءة ويمكن هنا المشارفة لكن الإرادة أصوب. قوله: (إذا قمتم إلى الصلاة) أي: أردتم القيام لها. قوله: (إذا قضى أمراً) أي: إذا أراد قضاءه وفيه أن القضاء نفس تعلق الإرادة وضعاً والمصنف رأى أنه فعل الشيء وإمضاؤه اهـ تقرير دردير قوله: (وإن حكمت) أي: أردت الحكم قوله: (وإن عاقبتم أي: أردتم ذلك.

  قوله: (إذا تناجيتم) أي: أردتم المناجاة، وقوله: إذا ناجيتم الرسول، أي: أردتم


٩٢٦ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الأشباه والنظائر ٢/ ٢٩٣؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٦٤؛ وهو للفرزدق في (ديوانه ١/ ٢٦٨، شرح أبيات المغني ٨/ ٩٠).

اللغة: الفقد الموت الراسيات: الجبال.

المعنى: إلى ملك عظيم القدر والمجد إذا مات تزلزلت الأرض حزناً.