حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الحادي عشر: ألفاظ التوكيد الأول

صفحة 137 - الجزء 3

  والصواب أن مفعول «أطلب»: «الملك» محذوفاً كما قدمنا، وأن فاعل «تبين» ضمير مستتر: إما للمصدر، أي: فلما تبين له تبين كما قالوا فِي {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}⁣[يوسف: ٣٥] أو لشيء دل عليه الكلام، أي: فلما تبين له الأمر أو ما أشكل عليه، ونظيره «إذا كانَ غَداً فَأْتِنِي» أي: إذا كان هو، أي ما نحن عليه من سلامة.

  الحادي عشر: ألفاظ التوكيد الأول، وإنما يربطها الضمير الملفوظ به، نحو: «جاء زَيْدٌ نَفْسُه، والزيدانِ كلاهُمَا، والقومُ كلّهم» ومن ثَمَّ كان مردوداً قولُ الهروي في «الذخائر»، تقول: «جاء القوم جميعاً» على الحال، و «جميع» على التوكيد، وقول بعض من عاصرناه في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}⁣[البقرة: ٢٩]: إن جميعاً» توكيد لـ «ما»، ولو كان كذا لقيل: «جميعه»، ثم التوكيد بـ «جميع» قليل، فلا يحمل عليه التنزيل والصواب أنه حال؛ وقول الفراء والزمخشري في قراءة بعضهم: {إنّا كلاًّ فِيهَا}⁣[غافر: ٤٨]: إن كلا توكيد والصواب أنها بدل، وإبدال الظاهر من ضمير الحاضر بدل كل جائز إذا كان مفيداً للإحاطة، نحو: «قُمْتُم


  قوله: (ان مفعول أطلب الملك محذوفاً) أي: أو أنه منزل منزلة اللازم أي لم أحتج لطلب. قوله: (أما للمصدر) أي: المفهوم من الفعل قوله: (فلما تبين له تبين) أي: فلما حصل له تبين قوله: (كما قالوا في ثم بدلهم) أي: ففاعل ضمير البداء. قوله: (ونظيره) أي: في كون الضمير راجعاً لما دل عليه الكلام قوله: (نحن عليه من سلامة) أي: صحة وغدا خبر كان قوله: ألفاظ التوكيد الأول أي: التي يؤكد بها أو لا بدون تقدم شيء عليها. قوله: (الأول) أي: وهي النفس والعين وكلا وكل وأجمع. قوله: (ومن ثم) أي: ومن أجل أن ألفظ التوكيد يجب ربطها بالضمير قوله: (وجمع على التوكيد) فقد جعل جميع مؤكداً مع كونه خالياً عن الرابط وهذا محل الشاهد.

  قوله: (وقول بعض من عاصرناه) هو الإمام بهاء الدين قاضي القضاة أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل الآمدي المصري الشافعي تلميذ أبي حيان وكان ابن عقيل تولى القضاء في محكمة باب الفتوح عن القزويني ثم تولى قضاء مصر العتيقة عن ابن جماعة، وكان يقول عليه العبادي شيخ الكل في الكل ثم ولي قاضي القضاة أي قاضي العسكر قال السراج البلقيني سمعت أبا حيان يقول ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل ولد سنة سبع وتسعين وستمائة ولازم أبا حيان اثنتي عشرة سنة وتوفي سنة تسع وستين وسبعمائة ودفن بقرب الإمام الشافعي. قوله: (ولو كان الخ) هذا اعتراض أول على ابن عقيل وقوله ثم التوكيد الخ اعتراض ثان قوله: (والصواب أنه حال) أي: من ما قوله: (وإبدال الظاهر) جواب عما يقال أنه لا يجوز إبدال الظاهر من الضمير قوله: (إذا كان) أي: ذلك