تنبيه - من المشكل قول الشاطبي رحمه الله
  تنبيه - من المشكل قولُ الشاطبي رحمه الله [من الطويل]:
  ٥٤٢ - وَمَهُمَا تَصِلْهَا أو بَدَأت بَرَاءَةً ... [لتنزيلها بالسَّيْفِ لَسْتَ مُبَسْمِلا]
  ونقول فيه: لا يجوز في «مهما» أن تكون مفعولاً به لتصل لاستيفائه مفعوله، ولا مبتدأ لعدم الرابط. فإن قيل: قَدِّرْ «مهما» واقعة على «براءة»؛ فيكون ضمير «تصلها» راجعاً إلى «براءة»، وحينئذ فـ «مهما» مبتدأ أو مفعول لمحذوف يُفسره «تصل»؛ قلنا: اسم الشرط عام، و «براءة» اسم خاص فضميرها كذلك، فلا يرجع إلى العام، وبالوجه الذي بطل به ابتدائية «مهما» يبطل كونها مشتغلاً عنها العامل بالضمير.
  (ومهما تصلها) الضمير لبراءة أضمر قبل الذكر على شريطة التفسير وتمامه:
  لتنزيلها بالسيف لست مبسملا
  وحاصل معنى هذا البيت أنك إذا ختمت سورة الأنفال وأردت وصل براءة بآخر الأنفال فلا تبسمل، وكذا إذا قرأت ابتداءً من أول براءة فلا تبسمل فقوله لست مبسملاً جواب الشرط وحذف الفاء منه ضرورة وهو خبر في معنى النهي أي فلا تبسمل، وقوله: لتنزيلها بالسيف علة مقدمة على المعلول أي إنما لم يبسمل لأنها نزلت في القتال بالسيف والبسملة لا تذكر إلا في محل الرحمة إن قلت بماذا يتعلق قوله لتنزيلها إذ يمتنع: تعلقه بلست لأنها لا دلالة لها على الحديث، ولو سلم أن لها دلالة عليه امتنع لوقوعها جواباً للشرط ولا يتقدم ما في حيزه عليه قلت: يتعلق بمحذوف أي ترك ذلك لتنزيلها بالسيف والجملة معترضة بين الشر وجوابه، وأما قوله بالسيف فهو ظرف مستقر في محل نصب على الحال من المضاف إليه في قوله لتنزيلها أي ملتبسة بالسيف. قوله: (ونقول فيه) أي: في بيان إشكاله قوله: (لاستيعابه مفعوله) أي: وهو الضمير قوله: (لعدم الرابط) أي: الذي يربطه بالجملة الواقعة خبراً. قوله: (فإن قيل) أي: في الجواب. قوله: (قدر مهما واقعة على براءة) لك إثبات التنوين في براءة لغرض الحكاية وتكون حركته حركة نصب محكية أيضاً وفتحة الإعراب مقدرة ولك ترك التنوين معرضاً. عن الحكاية فتكون الفتحة الملفوظ بها فتحة إعراب وهي علامة للجر هنا إذ براءة أريد بها اللفظ فهي علم فيه تاء التأنيث فيمتنع من الصرف وهذا ظاهر لإخفاء به اهـ دماميني. قوله: (راجعاً إلى براءة) أي: إلى مهما الذي مصدوقها براءة. قوله: (فمهما مبتدأ) أي: والجملة بعدها خبر وفيها الرابط. قوله: (يفسره تصل) المشتغل بضمير الاسم السابق. قوله: (اسم الشرط عام) قد يقال هو عام في نفسه لكن أريد منه شيء مخصوص أي براءة قوله: (وبراءة) أي: التي قدرنا مهما واقعة عليها قوله: (فلا يرجع إلى العام) وحينئذ فلا يكون في تصلها ضمير الاسم المتقدم وحينئذ فلا يصح جعل مهما مبتدأ لعدم الرابط، ولا مفعولاً لمحذوف يفسره الفعل المذكور لعدم اشتغال الفعل المذكور بضمير الاسم السابق.
٥٤٢ - هذا البيت من قصيدة نظمها الشاطبي في القراءات السبع.