حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - رد جماعة منهم ابن مالك

صفحة 548 - الجزء 2

  «مَنْ» مفعولاً به، و «الغيب» بدل اشتمال، و «الله» فاعل، والاستثناء مفرغ.

تعيين موضع التقدير

  الأصل أن يقدر مُقَدَّماً عليهما كسائر العوامل مع معمولاتِها، وقد يَعْرِض ما يقتضي ترجيح تقديره مؤخراً، وما يقتضي إيجابه.

  فالأول نحو: «في الدار زيد» لأن المحذوف هو الخبر، وأصله أن يتأخر عن المبتدأ.

  والثاني نحو: «إن في الدار زيداً» لأن «إِنَّ» لا يليها مرفوعها.

  ويلزم من قدر المتعلق فعلاً أن يقدّره متأخراً في جميع المسائل، لأن الخبر إذا كان فعلاً لا يتقدم على المبتدأ.

  تنبيه - ردّ جماعة منهم ابن مالك على مَنْ قدَّر الفعل بنحو قوله تعالى: {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا}⁣[يونس: ٢١]، وقولك: «أما في الدَّارِ فَزَيْدٌ» لأن «إذا» الفجائية لا يليها الفعلُ، و «أمّا» لا يقع بعدها فعل إلا مقروناً بحرف الشرط، نحو: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٨٨}⁣[الواقعة: ٨٨]، وهذا على ما بيناه غير وارد، لأن الفعل يقدر مؤخراً.

  تم الجزء الثاني، ويليه الجزء الثالث

  وأوله الباب الرابع: في ذكر أحكام يكثر دورها ... الخ


  سبيل المجاز وأطلق عليه وعلى الأب أبوين، وكذا تقول في القلم أحد اللسانين. قوله: (والاستثناء مفرغ) أي: والمعنى قل لا يعلم غيب من في السموات والأرض أحد إلا الله، وقوله والاستثناء مفرغ الخ هذا آخر كلام ابن مالك ولكن هذا الكلام نقله المصنف بالمعنى.

  قوله: (الأصل أن يقدر) أي متعلق الظرف والجار والمجرور. قوله: (إيجابه) أي: إيجاب تقديره مؤخراً قوله: (وأصله أن يتأخر الخ) لكن قد يقال أن مقتضى كونه عاملاً يقدر مقدماً واعلم أن الأرجح تقديمه في التقدير وسيأتي هذا للمصنف في الباب الآتي. قوله: (لأن الخبر إذا كان فعلاً لا يتقدم على المبتدأ) أي: لئلا يلتبس المبتدأ بالفاعل فإن قلت إن علة منع التقديم خوف الالتباس وهنا محذوف فلا يحصل التباس؛ قلت إن المقدر عندهم كالثابت فلو قدر مقدماً لزم عليه أن الجملة فعلية فيوقع في لبس إذ يحتمل أن المبتدأ فاعل. قوله: (بنحو قوله تعالى الخ) أي: في نحو قوله الخ أي إن بعضهم قدر الفعل في هاتين الآيتين فرد عليه ابن مالك بأنه لا يصح تقدير الفعل هنا لأن إذا الفجائية لا يليها فعل، وإما لا يليها الفعل إلا مقروناً بحرف الشرط ورد المصنف على ابن مالك بأن هذا الرد غير وارد لأن الفعل يقدر مؤخراً لا قبل الجار وبعد إذا أو بعد إما حتى يتم اعتراض ابن مالك. قوله: (وهذا) أي: الرد عليه في تقدير الفعل أي وهذا لارد غير وارد بناءً على ما بيناه من أنه قد يعرض ما يوجب تقدير المتعلق مؤخراً. قوله: (يقدر مؤخراً) أي: عن الجار والمجرور لا مقدماً عليه كما فهم ابن مالك فاعترض بما علمت.