حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القاعدة الثانية

صفحة 525 - الجزء 3

  قاسوه، ولم يحكِ ابن مالك اقتياسه إلا عن ابن كيسان، وليس كذلك، قال أبو بكر الأنباري: ولا يُقال إلا لمن صَغُر سنّه.

القاعدة الثانية

  أن الشيء يُعطى حكم الشيء إذا جَاوَره، كقول بعضهم: «هذا حُجْرُ ضَبٌ خرب» بالجر، والأكثر الرفع، وقال [من الطويل]:

  كأنَّ أباناً فِي عرانين وبله ... [كبيرُ أُناس في بادٍ مُزَمَّلِ]

  وقيل به في {وَحُورٌ عِينٌ}⁣[الواقعة: ٢٢] فيمن جرَّهما، فإن العطف على {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}⁣[الواقعة: ١٧] لا على {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ}⁣[الواقعة: ١٨]، إذ ليس المعنى أنَّ الولدان يطوفون عليهم بالحور؛ وقيل: العطف على {جَنَّاتِ} وكأنه قيل: المقربون في جناتِ وفاكهة ولحم طير وحور؛ وقيل: على {أَكْوَابٍ} باعْتِبَار المعنى؛ إذ معنى {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ١٧ بِأَكْوَابٍ}⁣[الواقعة: ١٧ - ١٨]: ينعمون بأكواب؛ وقيل في


  اللفظين. قوله: (قاسوه) أي: فأجازوا أن يقال ما أليطف زيداً قوله: (وليس كذلك) فقد قال أبو حيان ما حكاه ابن مالك في ذلك عن ابن كيسان هو كلام من لم يطلع على كلام النحويين في المسألة وما حكاه عن ابن كيسان هو نص كلام البصريين والكوفيين، أما الكوفيون فاعتقدوا اسمية أفعل فهو عندهم مقيس فيه، وأما البصريون فنصوا على ذلك في كتبهم وإن كان خارجاً عن القياس قوله: (ولا يقال) أي: أفعل في التعجب مصغراً إلا لمن صغر سنه. قوله: (حكم الشيء) أي: في الإعراب وغيره على ما يأتي له، وإن اعترض بالنظر لغيره إذ لا دخل له في هذا الفن. قوله: (خرب) صفة لجحر فكان حقه الرفع ولكن جر لمجاورته المجرور فهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع منها اشتغال المحل بحركة المجاورة فحركة المجاورة ليست حركة بناء ولا إعراب أي: وإنما هي حركة اجتلبت للمناسبة بين اللفظين المتجاورين فلا تحتاج لعامل؛ لأن الإتيان بها إنما هو لمجرد أمر استحساني لفظي لا تعلق له بالمعنى. قوله: (كبير أناس) صدره:

  كان أبانا في عرانين وبله

  فلفظ مزمل في المثال، وإن كان مخفوضاً لفظاً فهو مرفوع تقديراً، والعامل إنما يتسلط على تلك الحركة المقدرة لاقتضائه أباها من جهة المعنى ولا تسلط له على الحركة اللفظية؛ لأنه غير مقتض لها وإنما يقتضيها طلب المشاكلة اللفظية. قوله: (مزمل) بالجر وهو صفة لكبير فكان حقه الرفع وجر لمجاورته المجرور.

  قوله: (وقيل به) أي: بالجر على الجوار. قوله: (وقيل العطف الخ) أي: وحينئذ فلا شاهد فيه وكذا فيما بعد قوله: (على جنات) أي من قوله في جنات النعيم. قوله: (على أكواب) المراد بها الأقداح التي لا عرا لها والأباريق التي لها عراً وخراطيم. قوله: