حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة

صفحة 263 - الجزء 3

  مسألة - يجوز في نحو: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ}⁣[الأنعام: ١٥٤] كونُ الذي موصولاً اسميّاً، فيحتاج إلى تقدير عائد أي: زيادة على العلم الذي أحسنه؛ وكونه موصولاً حرفياً فلا يحتاج لعائد أي تماماً على إحسانه؛ وكونه نكرة موصوفة فلا يحتاج إلى صلة، ويكون أحسن حينئذ اسم تفضيل لا فِعْلاً ماضياً، وفتحته إعراب لا بناء، وهي علامة الجرّ؛ وهذان الوجهان كوفيان، وبعضُ البصريين يوافق على الثاني.

  ***

  مسألة - نحو: «أَعْجَبَنِي ما صنعت» يجوز فيه كونُ «ما» بمعنى «الذي»، وكونها نكرة موصوفة؛ وعليهما فالعائد محذوف؛ وكونها مصدرية فلا عائد؛ ونحو: {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}⁣[آل عمران: ٩٢] يحتمل الموصولة والموصوفة، دون المصدرية، لأن المعاني لا يُنفق منها؛ وكذا {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}⁣[البقرة: ٣] فإن ذهبت إلى تأويل {مَا تُحِبُّونَ} و {مَّا رَزَقْنَاهُمْ} بالحب والرزق، وتأويل هذين بالمحبوبِ والمرزوق، فقد تعسَّفتَ من غير مُخوج إلى ذلك. وقال أبو حيان: لم يثبت مجيء «ما» نكرة موصوفة؛ ولا دليل في «مَرَرْتُ بمَا مُعْجِبِ لك» لاحتمال


  من باب حذف العائد المنصوب بالفعل ولا يشترط في حذفه شيء. قوله: (أي زيادة على العلم الذي أحسنه) أي: أجاد معرفته من قولك أحسن الشيء إذا أجاد معرفته وهذا القول لابن قتيبة وهو بناءً على أن المراد بالذي غير من يعقل وهو العلم وعليه فسر الزمخشري حيث قال ثم آتينا موسى الكتاب تمامه على الذي أحسن، أي: على الذي أحسن موسى من العلم والشرائع من أحسن الشيء إذا أجاد معرفته؛ أي: آتيناه الكتاب زيادة على علمه على وجه التتميم. قوله: (أن تماماً على إحسانه) على هذا في أحسن ضمير عائد على موسى أي: تماماً على إحسان موسى بطاعتنا وقيامه بأمرنا ونهينا؛ وقيل: في أحسن يعود على الله ومتعلق الإحسان إلى أنبيائه وإلى موسى وعلى هذا، ففي الآية التفات، أي: آتيناه الكتاب زيادة على إحساننا إليه وإلى الأنبياء على وجه التتميم. قوله: (وكونه نكرة موصوفة) أي: وأحسن صفة، أي: تماماً على شيء أحسن أي: زائد في الحسن وهو علمه وقيامه بالأوامر والنواهي قوله: (وهي علامة الجر) فهو ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل قوله: (فالعائد محذوف) أي: لأن كلاً من الموصولة والموصوفة يحتاج للعائد إنما يختلفان في أن الأولى تحتاج للصلة والثانية للصفة. قوله: (ويحتمل الموصولة والموصوفة) أي: وعليها فالعائد محذوف.

  قوله: (لأن المعاني) أي: التي منها المحبة قوله (وكذا ومما رزقناهم ينفقون) أي: تحتمل ما فيه أن تكون موصولة وأن تكون موصوفة ولا تحتمل المصدرية. قوله: (وكذا ومما رزقناهم ينفقون) أي: فالمعنى على المصدرية وينفقون مما رزقناهم والرزق