القاعدة الثالثة
  ذلك قولهم في «صُوَّم»: «صُيَّم»، حملاً على قولهم في «عُصُو»: «عِصِي»، وكان أبو علي ينشد في مثل ذلك [من الرجز]:
  ٩٢١ - قَدْ يُؤْخَذُ الْجَارُ بِجُرْمِ الْجَارِ
القاعدة الثالثة
  قد يُشْرِبُون لفظاً معنى لفظ فيُغطونه حُكْمَهُ، ويُسمَّى ذلك تضميناً.
  وفائدته: أن تُؤدِّي كلمةٌ مؤدَّى كلمتين. قال الزمخشري: ألا ترى كيف رجع
  والواو إذا كانت مضمومة بالفعل يجوز قلبها همزة، ولكن في هذا شيء، وذلك لأن القاعدة إعطاء الشيء حكم مجاور ذلك الشيء وهنا ليس الأمر كذلك اهـ تقرير دردير. قوله: (ومن ذلك الخ) حاصله أن لام الكلمة إذا كانت واواً وقبلها واو فتدغم وتقلب الواو المتطرفة ياء وتدغم فأجرى عين الكلمة في ذلك مجرى لام الكلمة، وأنت خبير بأن هذا خارج عن القاعدة تأمل اهـ تقرير دردير.
  قوله: (في عصو) أصله عصوو ووقعت الواو متطرفة فقلبت ياء ثم قلبت الواو الأولى ياء. قوله: (قد يشربون لفظاً معنى لفظ) هذا ظاهر في تغاير المعنيين فلا يشمل نحو أحسن بي أي لطف فإن اللطف والإحسان واحد، فالأولى أن التضمين إلحاق مادة بأخرى لتضمنها معناها ولو في الجملة أعني باتحاد أو تناسب قوله: (أن تؤدي كلمة مؤدي كلمتين) ظاهر في أن الكلمة تستعمل في حقيقتها ومجازها ألا ترى أن الفعل من قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}[البقرة: ٢٢٦] ضمن معنى يمتنعون من نسائهم بالحلف وليس حقيقة الإيلاء إلا الحلف فاستعماله في الامتناع من وطء المرأة إنما هو بطريق المجاز من باب إطلاق السبب على المسبب فقد أطلق فعل الإيلاء مراداً به ذانك المعنيان جميعاً، وذلك جمع بين الحقيقة والمجاز بلا شك وهو أي الجمع المذكور إنما يتأتى على قول الأصوليين أن قرينة المجاز لا يشترط أن تكون مانعة أما على طريقة البيانيين من اشتراط كونها مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، فقيل إن التضمين حقيقة ملوحة لغيرها وقدر السعد العامل مع بقاء الفعل مستعملاً في معناه الحقيقي، فالفعل المذكور مستعمل في معناه الحقيقي مع. حذف حال مأخوذ من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية فقولنا أحمد إليك فلاناً معناه أحمده منهياً إليك حمده ويقلب كفيه على كذا، أي: نادماً على كذا فمعنى الفعل التروك وهو المضمن معتبر على أنه قيد لمعنى الفعل المذكور وزعم بعضهم أن التضمين بالمعنى الذي ذكره السعد وهو جعل وصف الفعل المتروك حالاً من فاعل المذكور يسمى تضميناً بيانياً وأنه مقابل للنحوي وقيل إن التضمين من باب المجاز
٩٢١ - التخريج هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في مجمع ا الأمثال ٢/ ١٠٩. يضرب في معاقبة البريء لإرهاب المجرم.