القاعدة السادسة
  قادرين على الإعادة وأصل ذلك أن الفعل يتسبَّبُ عن الإرادة والقدرة، وهم يقيمون السبب مُقامَ المسبب وبالعكس؛ فالأول نحو: {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ٣١}[محمد: ٣١]، أي: ونعلم أخباركم؛ لأن الابتلاء الاختبار، وبالاختبار يحصل العمل؛ وقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}[المائدة: ١١٢] الآية في قراءة غير الكسائي «يستطيع» بالغيبة و «رَبُّكَ» بالرفع، معناه: هل يفعل ربك؛ فعبر عن الفعل بالاستطاعة لأنها شَرْطة، أي: هَلْ ينزل علينا ربُّكَ مائدة إن دَعَوْتَه. ومثله {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧] أي: لن نؤاخذه، فعبر عن المؤاخذة بشرطها، وهو القدْرة عليها؛ وأما قراءة الكسائي فتقديرها هلى تستطيع سُؤَال ربك، فحذف المضاف، أو: هل تطلب طاعة ربّك في إنزال المائدة أي استجابته، ومن الثاني {فَاتَّقُوا النَّارَ}[البقرة: ٢٤] أي: فاتَّقوا العِنَادَ الموجب للنار.
القاعدة السادسة
  أنهم يعبرون عن الماضي والآتي كما يُعبرون عن الشيء الحاضر قصْداً لإحضاره الذهن حتى كأنه مُشَاهَدٌ حالَةَ الإخبار، نحو: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
  قوله: (وأصل ذلك) أي: بسبب ما ذكر من التعبير بالفعل عن إرادة وقوعه والتعبير بالإرادة عن وقوعه وإيجاده والتعبير بالفعل عن القدرة عليه فقوله وهم يقيمون السبب مقام المسبب هذا بالنظر للحالة الثانية، وقوله: والعكس بالنظر للحالة الأولى والأخيرة. قوله: (أي: ونعلم) أي: بحسب ما عندكم أي تعلموا أنا علمنا.
  قوله: (يحصل العلم) أي: فأطلق الابتلاء وهو السبب وأريد المسبب وهو العلم. قوله: (لأنه شرطه) أي: فاطلق الشرط وهو سبب لغوي وأراد المسبب وهو الفعل. قوله: (أي: هل ينزل) هذا تفسير لقوله هل يفعل ربك، أي فالمراد بالفعل الإنزال، والحاصل أن قوله هل ينزل تفسير لفعل الإنزال، أي: الحاصل المعنى لا للفعل فقط، وإلا كان لا معنى لهل ينزل الإنزال تأمل. قوله: (فعبر عن المؤاخذة الخ) أي: أنه أطلق الشرط وهو القدرة وهو سبب لغوي وأراد المسبب وهو المؤاخذة قوله: (وأما قراءة الكسائي) أي: هل تستطيع ربك بالخطاب ونصب ربك وإدغام لام هل في تاء تستطيع. قوله: (هل تستطيع سؤال ربك) أي: هل تقدر على سؤال أن ينزل علينا مائدة، فالمراد بالاستطاعة على هذا القدرة وقوله: أو هل تطلب الخ يشير إلى أن السين والتاء في الاستطاعة للطلب. قوله: (ومن الثاني) أي: إقامة المسبب مقام السبب. قوله: (أي فاتقوا العناد الخ) أي: فقد أطلق المسبب وهو النار، وأريد السبب فيها وهو العناد قوله: (يعبرون عن الماضي) أي: عن الأمر الماضي والأمر الآتي، وقوله: كما يعبرون عن الشيء الحاضر، أي: بعبارة مماثلة لما يعربها عن الشيء الحاضر. قوله: (قصداً لإحضاره) أي: الأمر الماضي أو