حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

باب الاستثناء

صفحة 252 - الجزء 3

باب الاستثناء

  يجوز في نحو: «مَا ضَرَبْتُ أَحَداً إلا زَيْداً» كونُ «زيد» بدلاً من المستثنى منه، وهو أرْجَحُها، وكونه منصوباً على الاستثناء، وكونُ «إلا» وما بعدها نعتاً، وهو أضعفها، ومثله «لَيْسَ زَيْدٌ شَيْئاً إِلا شَيئاً لا يُعْبَأُ بِهِ»، فإن جئت بـ «ما» مكان «ليس» بطل كونه بدلاً، لأنها لا تعمل في الموجب.

  ***

  مسألة - يجوز في نحو: «قَامَ القومُ حَاشَاكَ، وَحَاشَاه» كونُ الضمير منصوباً، وكونه مجروراً، فإن قلت: «حَاشَاي» تعيَّن الجر، أو «حَاشَاني» تعين النصب، وكذا القول في «خلا» و «عدا».

  ***

  مسألة - يجوز في نحو: «ما أَحَدٌ يَقُولُ ذلِكَ إِلا زَيْد» كوْن «زيد» بدلاً من «أحد»


  قوله: (مهند) أي: مطبوع من حديد الهند. قوله: (وهو أرجحها) أي: لأنه إذا ذكر المستثنى منه وكان الكلام منفياً ترجح البدل على الاستثناء قوله: (وهو أضعفها) أي: لأن كون إلا نعتاً خلاف الأصل فيها فالضعف لما فيه من خروج إلا عن أصلها من الحرفية والاستثناء وتحلى اللفظ بغير إعرابه قوله: (وهو أضعفها) فيه تدافع وتقريره أن قوله أرجحها يقتضي رجحان الجميع وأرجحية البدل وقوله وهو أضعفها يقتضي ضعف الجميع وأضعفية النعت فتحصل من ذلك أن البدل أرجح وضعيف وأن النعت أضعف وراجح وتنافيه ظاهر وجوابه أن الفعل فيهما ليس على بابه قوله: (ليس زيد شيئاً) زيد اسم ليس وشيئاً خبرها. قوله: (بطل كونه بدلاً) أي: وتعين الوجهان الأولان. قوله: (لأنها لا تعمل في الموجب) أي: والبدل يقتضي إعمالها فيه فإن البدل على نية تكرار العاملة، وإذا كرر العامل انتقض النفي بألا. قوله: (كون الضمير منصوباً) أي: مفعول حاشي. قوله: (وكونه مجروراً) أي: بحاشا على أنها حرف جر قوله (تعين النصب) أي: لأن نون الوقاية لا تلحق حروف الجر. قوله: (وهو المختار وكونه بدلاً من ضميره) أما وجه الثاني فهو اشتمال النفي على الضمير من حيث المعنى؛ لأن معنى ما أحد يقول ذلك إلا زيد ما يقول أحد ذلك إلا زيد فاندفع ما يقال كيف الإبدال من الضمير مع أنه استثناء من موجب وأما وجه اختيار الأول فلأن الإبدال من صاحب الضمير أولى؛ لأنه الأصل ولأنه لا يحتاج إلى تأويل لكونه في غير الموجب. قوله: (فارتفاعه من وجهين) أي: البدل من أحد أو من ضميره قوله إلا زيد أي فرفعه إنما هو من وجه وهو الإبدال من الضمير