والثالث: قول ابن الطراوة
  يستوي في عدم الإثم من يتعجل ومن لم يتعجل؛ وحَمْلُ الرسم على خلاف الأصل مع إمكانه غيرُ سديد.
  والثالث: قول ابن الطراوة في {أَيُّهُمْ أَشَدُّ}[مريم: ٦٩]: هم أشد: مبتدأ وخبر، و «أي» مضافة لمحذوف، ويدفَعُه رسم «أيهم» متّصلة، وأن «أيَّا» إذا لم تُضَفْ أُعربت باتفاق.
  والرابع: قول بعضهم في {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ٣}[المطففين: ٣]: إن «هم» الأولى ضمير رفع مؤكّد للواو، والثانية كذلك أو مبتدأ وما بعده خبره؛ والصواب أن «هم» مفعول فيهما، لرسم الواو بغير ألف بَعْدَها، ولأن الحديث في الفعل لا في الفاعل؛ إذ المعنى إذا أخذوا من الناس استَوْفَوْا، وإذا أَعْطَوْهُمْ أَخْسَرُوا؛ وإذا جعلت الضمير للمطففين صار معناه: إذا أخذوا استوفوا، وإذا تولُّوا الكيل أو
  وتشديده عليها فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعاً فسوق الكلام ليس لأجل التحقيق بل لأجل نفي الإثم المتوهم على التقديرين، فكل من الجملتين ذكر لإفادة معناه بمجرده. قوله: (وحمل الرسم الخ) هذا رد لقوله سابقاً ويمكن أن يدعي لهما أن الألف في لا زائدة.
  قوله: (وإن أيا إذا لم تضف) أي: لفظاً أعربت قوله: (والثانية كذلك) أي: والمعنى وإذا كالوا بأنفسهم أو وزنوا بأنفسهم. قوله: (ما بعده) وهم جملة يخسرون وحذف خبر أحد المبتدأين لدلالة الآخر وقوله خبر: أي: خبر المبتدأ أو الجملة جواب إذا. قوله: (لرسم الواو بغير ألف) أي: فهذا يدل على أن الضمير متصل بالفعل؛ لأن الفعل إذا كان آخره واو الجماعة بعدها ألف قوله: (ولأن الحديث) أي: لأن المحدث عنه رسم وهو الذي ذموا من أجله وقوله: في الفعل أي: الأخذ والإعطاء وهو المشار له بقوله إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم الخ، وقوله لا في الفاعل، أي: وحينئذ فلا وجه لتأكيده. قوله: (إذا أخذوا من الناس) راجع لاكتالوا وفيه إشارة إلى أن على بمعنى من وقوله وإذا أعطوا راجع لكالوهم أو وزنوهم قوله (استوفوا) أي: أخذوا حقهم بكماله. قوله: (وإذا أعطوهم) أي: وإذا أعطوا الناس أخسروهم ونقصوهم حقهم. قوله: (أخسروا) أي: وحينئذ فضمير كالوهم ووزنوهم للناس. قوله: (وإذا جعلت الضمير) أي: هم في قوله: كالوهم أو وزنوهم.
  قوله: (إذا أخذوا استوفوا) أي: من الناس بأن كال أو وزن لهم غيرهم، وقوله: استوفوا أي: حقهم وقوله: وإذا تولوا الكيل أي وأخذوا لأنفسهم أخسروا أنفسهم، أي: وهذا بعيد لكون الشأن أنهم إنما يخسرون إذا لم يتولوا الكيل وإذا تولوا الكيل بأنفسهم فلا يخسرون على أن هذا ليس فيه ذم لهم.