حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القاعدة العاشرة

صفحة 554 - الجزء 3

  قوله: «أَمَّا أَنْتَ ذَا نَفَرٍ» فليس المعنى على تعلقه بما بعد الفاء، بل هو متعلق تعلق المفعول لأجله بفعل محذوف، والتقدير: ألهذا فخرتَ علي؟ وأما المسألة الأخيرة فمن أجاز «زيد جالساً في الدار» لم يكن ذلك مختصاً عنده بالظرف.

القاعدة العاشرة

  من فنون كلامهم القَلْبُ. وأكثر وقوعه في الشعر، كقول حسان رضي الله تعالى عنه [من الوافر]:

  كَأَنَّ سَبِيئَةٌ مِنْ بَيْتِ رَأْسِ ... يَكُونُ مِزَاجُهَا عَسَلٌ وَمَاءُ


  علم من كلامه أنه إذا تلا أما ظرف أو غيره وتلا الفاء ما لا يتقدم معموله عليه فيه أقوال ثلاثة امتناع مسألة غير الظرف وتعين كون الظرف معمولاً لأما، وقيل بامتناع مسألة غير الظرف والظرف يجوز أن يكون معمولاً لأما أو لما بعد الفاء، وقيل بجواز المسألتين. قوله: (دون المفعول به) أي: وبهذا خالف المبرد قوله: (على تعلقه بما بعد الفاء) أي: كما قال القول الأول. قوله: (ألهذا) أي: ألكونك ذا نفر.

  قوله: (وأما على المسألة الأخيرة) أي: تقدم المعمول الذي هو ظرف على العامل المعنوي. قوله: (فمن أجاز الخ) أي: فمن أجاز تقديم الحال على عاملها المعنوي نحو زيد الخ والمعتمد عدم الجواز وعليه فيكون تقدم المعمول على العامل المعنوي خاصاً بالظرف. قوله: (لم يكن ذلك عنده مختصاً بالظرف) أي: بل مثل الظرف الحال. قوله: (كأن سبيئة) أي: خمراً سبيئة وهو بالهمز إذا كان المشتري للشرب، وإن كان منقولاً من محل إلى محل قيل لها بلا همز وبيت الرأس محل بالشام يتقن فيه عمل الخمر اهـ تقرير در دير. قوله: (كأن سبيئة الخ) هذا البيت لحسان من قصيدة يمدح بها النبي وجواباً لسفيان قبل إسلامه وأولها:

  عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء

  ومن جملتها:

  أمن يهجو رسول الله منكم ... وينصره ويمدحه سواءُ

  أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخير كما فداءُ

  والسبيئة بالهمزة الخمرة المشتراة للشرب، وأما المحمولة من بلد إلى بلد فهي سبية بالياء لا غير كما صرح به الجوهري وتبعه التفتازاني على ذلك في «شرح المفتاح» ووقع في «القاموس» إن الجوهري قد وهم في ذلك، وأن الصواب عكس ما قاله وبيت رأس قرية الشام اشتهرت بجودة الخمر وخبر كأن قوله بعد:

  على أنيابها أو طعم غصن ... من التفاح هصره اجتناءُ

  يقال هصرت الغصن بتشديد المهملة إذا أخذت برأسه فأملته فقد شبه ريق المحبوبة