حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وقد ذكر للألف تسعة أوجه

صفحة 369 - الجزء 2

  أسماء الحروف البسائط.

  ثم اعترض على نفسه بقول أبي النجم [من الرجز]:

  ٥٩٩ - أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ زِيَادٍ كَالْخَرِفْ ... تَخُطُ رِجْلايَ بخَطٌ مُخْتَلف

  تُكَتبَانِ في الطَّرِيقِ لامَ الف

  وأجاب بأنه لعله تلقاه من أفواه العامة، لأنّ الخط ليس له تعلق بالفصاحة.

وقد ذكر للألف تسعة أوجه:


  الطريقة وهي باب بألف بي بوبه أب وهكذا قوله: (أسماء الحروف) أي: بأن يقال أ ب ت ث ج الخ. قوله: (بقول أبي النجم) الأوضح أن يعترض بالحديث الذي ذكره النبي حين عد الحروف وقال لام ألف إلا أن يقال أن الحديث لم يبلغه قوله: (كالخرف) بفتح الخاء وكسر الراء وذلك لأن أبا النجم قدم على زياد يمدحه ويطلب منه الجائزة فأراد زياد قتله ففر هارباً ينشد ذلك.

  قوله: (وأجاب الخ) اعترض هذا الجواب الدماميني بأنه كيف أن العربي الفصيح الذي تتلقى اللغة عنه يخطاء في اللفظ تبعاً للعامة، وقوله لأن الخط الخ فيه أن أبا النجم إنما صدر منه لفظ لا خط فعل مراده أبي النجم لام وألف اللذان هما حرفان فحذف العاطف وهمزه القطع للضرورة فليس مراده لام ألف الذي هو اسم واحد مركب ومراده أنه يمشي تارة مستقيماً فتخط رجلاه خطاً شبيهاً بالألف، وتارة يمشي معوجاً فتخط رجلاه خطاً معوجاً شبيهاً باللام أو قد يقال الظاهر أن ما ذكره الدماميني لا يرد وذلك لأن العرب معصومون عن الخطأ في اللغة العربية كحركات الكلم، ونحوها ونطقهم بلام ألف تبعاً للعامة لا يمنع إذ تسمية العامة لهذا الحرف بلام ألف بمنزلة ما لو سمى إنسان ابنه بديز مقلوب زيد لظاهر أن العرب تناديه في ذلك الحال بالمهمل، وأجاب الشمني بأن أبا النجم لما دخل الحاضرة ووجد العامة يقولون ذلك كثيراً شائعاً ساغ له تلقيه وجعل قوله لأن الخط الخ جواباً عما يقال كيف يسوغ للعربي الفصيح أن يتلقى ذلك الخطأ عن العامة، وحاصل الجواب أن الذي صدر من العامة إنما هو متعلق بالخط لا بالفصاحة ولكن هذا كلام بعيد فالحق أن كلام ابن جني مشكل تأمل قوله: (وقد ذكر للألف) أي: الحرف


٥٩٩ - التخريج: الرجز لأبي النجم في (خزانة الأدب ١/ ٩٩؛ والخصائص ٣/ ٢٨٧؛ والدرر ٥/ ١١٣؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٦٥١؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٥٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٩٠؛ ولسان العرب ٩/ ٦٢ (خرف)؛ وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٢٢٣؛ والكتاب ٣/ ٢٦٦؛ ولسان العرب ١/ ٦٩٨ (كتب)، ٧/ ٢٨٨ (خطط)؛ والمقتضب ١/ ٢٣٧، ٣/ ٣٥٧).

اللغة: الخرف: الهرم الفاسد العقل.

المعنى: خرجت من دكان (زياد) كالشيخ الهرم، تمشي قدماي بي بشكل مختلف عما تمشي به أرجل الناس، فهي تلتوي من شدة السكر حتى تغدو كما هي اللام والألف (لا).