الثانية: أن يكونا نكرتين صالحتين للابتداء بهما
  المخاطب كأن يقول: من القائم؟ فتقول: «زَيْدٌ الْقَائِمُ» فإن علمها وجهل النسبة فالمقدَّمُ المبتدأ.
  الثانية: أن يكونا نكرتين صالحتين للابتداء بهما، نحو: «أفضلُ منك أفضلُ مني».
  الثالثة: أن يكونا مختلفين تعريفاً وتنكيراً، والأول هو المعرفة كـ «زيد قائم»، وأما إن كان هو النكرة فإن لم يكن له ما يُسَوِّعُ الابتداء به فهو خبر اتفاقاً، نحو: «خَزّ ثَوْبُكَ»، و «ذَهَبْ خَاتِمُكَ»، وإن كان له مسوّغ فكذلك عند الجمهور، وأما سيبويه فيجعله المبتدأ، نحو: «كَمْ مَالُكَ»، و «خَيْرٌ مِنْكَ زَيْدٌ»، و «حَسْبُنَا الله»، ووجهه الأصل عدمُ التَّقديم والتأخير وأنهما شبيهان بمعرفتين تأخر الأخص منهما، نحو: «الفاضل أنت»، ويتَّجه عندي جواز الوجهين إعمالاً للدليلين. ويشهد لابتدائية النكرة
  تقدم أو تأخر أعرف أولاً لأن ما ذكره فيه قصور وحينئذ فقول المصنف ما كان أعرف أي سواء علما معاً أو جهلا معاً فالمبتدأ الأعرف تقدم أو تأخر، وقوله أو كان هو المعلوم أي والثاني مجهول فالمعلوم مبتدأ تقدم أو تأخر ساواه تعريفاً أولاً. قوله: (أو كان هو المعلوم عند المخاطب) المراد بكونه معلوماً عنده أنه مقر عنده وهو بحسب زعمك كالطالب لأن يحكم عليه بالآخر فلا ينافي أنه يعلم الطرفين لأن الحكم على الشيء وبالشيء فرع عن تصوره. قوله: (من القائم) أي: فنجعل القائم مبتدأ ولو تأخر. قوله: (كم مالك) فكم مبتدأ عنده وخبر عند الجمهور، وقوله وحسبنا الله حسب بمعنى كافٍ فهو بمعنى اسم الفاعل وهو لا يتعرف بإضافته فلهذا صح جعله له نكرة فهو مبتدأ عند سيبويه وخبر عند الجمهور لكن اعترض على المصنف بأن سيبويه خص النكرة الموصوفة بكونها مبتدأ في كم وفي أفعل التفضيل ويوافق في غيرهما فالأولى للمصنف الاقتصار على المثالين الأولين. قوله: (قولكم كم مالك) المسوغ هنا ملازمة الصدارة لكم. قوله: (ووجه) أي: ووجه ما قاله سيبويه من جعل النكرة الموصوفة المتقدمة مبتدأ والمعرفة بعد خبر عنها وما قاله الجمهور من أن النكرة الموصوفة المتقدمة تجعل خبر. قوله: (وإنهما شبيهان بمعرفتين الخ) أي: لأن النكرة الموصوفة قريبة من المعرفة لعدم الشيوع في كل قوله: (تأخر الأخص منهما) أي: فالمبتدأ الأخص المؤخر فهذا دليل الجمهور أعقب به دليل سيبويه. قوله: (إعمالاً لدليلين) أي دليل سيبويه ودليل الجمهور وهو أن الأصل عدم التقديم والتأخير وبعد فما ذكره من الاتجاه يرده ما قاله من التحقيق من أن الذي يجعل مبتدأ ما كان معلوماً ومن البين أن المعلوم هو المعرفة لا النكرة أو ما كان أعرف وأجيب بأن ما ذكره من التحقيق لغيره، وأما ما ذكره من الاتجاه فهو له هو فلا ضرر حينئذ وما ذكره من الاتجاه هو التحقيق أي إن كلا منهما يجوز أن يكون مبتدأ ويجوز أن يكون خبراً. قوله: (ويشهد لابتدائية النكرة) أي: كما هو قول سيبويه.