حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والعاشر: قولهم امتنع

صفحة 461 - الجزء 3

  وكأن حاملهم على ما فعلوا إرادة التقريب، وإلا فما بالهم يبحثون على تصحيح قول البصريين في ذلك، ثم إذا أعربوا أو عربوا قالوا خلاف ذلك؟

  والعاشر: قولهم امتنع نحو: «سَكْرانَ» من الصرف للصفة والزيادة، ونحو: «عثمان» للعلمية و «الزيادة» وإنما هذا قولُ الكوفيين، فأما البصريون فمذهبهم أن المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث، ولهذا قال الجرجاني: وينبغي أن تُعَدَّ موانع الصرف


  أمر وجودي وكيف يصح أن يكون الأمر العدمي علة للوجودي وأجيب بمنع كون التجرد من الناصب والجازم عدمياً؛ لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أول أحواله مخلصاً عن لفظ يقتضي تغيره واستعماله والمجيء على صفة ما ليس بعدمي اهـ شمني، وهذا الجواب كاد أن يكون مكابرة والحق أن العدم المقيد قد يكون علامة لوجودي والعامل للعلامة، وقال الكسائي: الرافع للفعل المضارع حرف المضارعة؛ لأنها لما دخلت في أول الكلمة حدث الرفع بحدوثها إذ أصل المضارع إما الماضي أو المصدر، ولم يكن فيهما هذا الرفع بل حدث حدوث الحروف فإحالته عليها أولى من إحالته على المعنوي مع الخفي كما هو مذهب البصريين ورد بأن جزء الشيء لا يعمل فيه وقيل الرافع له مضارعته للاسم ورد بأن المضارعة اقتضت مطلق الإعراب ولكل عامل.

  قوله: (لحلوله محل الاسم) كان المراد حلوله في الجملة وإلا فقد رفع غير حال محل الاسم كالواقع بعد أداة التحضيض. قوله: (الحلوله محل الاسم) أي: سواء حل محل اسم مرفوع كما في زيد يضرب أي: ضارب أو مجرور أو منصوب نحو مررت برجل يضرب، ورأيت رجلاً يضرب، وإنما ارتفع لوقوعه موقع الاسم؛ لأنه إذن يكون كالاسم فأعطي أسبق إعراب الاسم وأقواه وهو الرفع واعترض بأنه يرتفع في مواضع لا يقع فيها موقع الاسم كما في الصلة نحو الذي يضرب وفي نحو سيقوم وسوف يقوم؛ لأن حرف التنفيس من خواص الأفعال وفي خبر كاد نحو كاد زيد يقوم وفي نحو يقوم الزيدان ويمكن الجواب عن نحو الذي يضرب ويقوم الزيدان بأن يقال هو واقع موقعه لأنك تقول الذي ضارب هو على أن ضارب خبر مبتدأ مقدم عليه، وكذا قائمان الزيدان ويكفينا وقوعه موقع الاسم، وإن كان الإعراب مع تقديره اسماً غير الإعراب مع تقديره فعلاً وعن سيقوم بأن يقوم مع السين واقع موقع قائم لا يقوم وحده والسين صار كأحد أجزاء الكلمة عن نحو كاد زيد يقوم إن أصله صلاحية وقوعه موقع الاسم كما في قوله وما كدت آيباً اهـ شمني قوله: (إذا أعربوا) أي: أعربوا الكلام أو عربوا الطالب، أي: جعلوه يعرب.

  قوله: (المشبهة لألفي التأنيث) أي: من جهة امتناع دخول تاء التأنيث عليهما معاً، وقال المبرد: جهة الشبه أن يكون كانت في الأصل همزة بدليل قلبها إليه في صنعاني وبهراني في النسبة إلى صنعاء وبهراء ورد بأنه لا مناسبة بين الهمزة والنون حتى يقال إن النون أبدلت منها، وأما صنعاء وبهراء فالقياس صنعاوي وبهراوي كحمراوي فأبدلوا النون من الواو شذوذاً للمناسبة التي بينهما ألا ترى إلى إدغام النون في الواو.