السادس والسابع: بدلا البعض والاشتمال
  {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}[البقرة: ١٠٦] لم يَجُز واحد من الوجهين لعدم الراجع حينئذ إلى «كم»، وإنما هي مفعول ثانٍ مقدَّم، مثل: «أَعِشْرِينَ دِرْهما أَعْطَيْتُكَ». وجَوْز الزمخشري في «كم» الخبرية والاستفهامية، ولم يذكر النحويون أن «كم» الخبرية تُعلّق العامل عن العمل؛ وجَوَّز بعضُهم زيادة من كما قدمنا وإنما تزاد بعد الاستفهام بـ «هَلْ» خاصة، وقد يكون تجويزه ذلك على قول مَنْ لا يشترط كون الكلام غيرَ مُوجَبٍ مطلقاً، أو على قول مَنْ يشترطه في غير باب التمييز، ويرى أنها في «رطل من زيت»، و «خاتم من حديد» زائدة، لا مبينة للجنس.
  السادس والسابع: بدلا البعض والاشتمال ولا يربطهما إلا الضمير: ملفوظاً، نحو: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}[المائدة: ٧١]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}[البقرة: ٢١٧]، أو مقدراً نحو: {مَنِ اسْتَطَاعَ}[آل عمران: ٩٧] أي منهم، ونحو: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ٤ النَّارِ}[البروج: ٤ - ٥]، أي: فيه؛ وقيل: إن «أل» خلف عن الضمير، أي: ناره، وقال الأعشى [من الطويل]:
  لأن الاستفهام له الصدر وآية مفعول ثانٍ على كل حال قوله: (لعدم الراجع حينئذ إلى كم) أي: لأن كم واقعة على آية وضمير آتيناهم لبني إسرائيل. قوله: (وإنما هي مفعول ثان) أي: لآتينا وقوله مقدم أي والجملة مفعول ثان لسل قوله: (وجوز الزمخشري الخ) أي: إن ما سبق كله بناءً على أن كم اسم استفهام وهذا مقابله. قوله: (في كم) أي: المذكورة في هذه الآية. قوله: (ولم يذكر النحويون أن كم الخبرية تعلق الخ) اعترض بأنه سيأتي في الباب الخامس أن كم الخبرية تعلق خلافاً فالأكثر هم فانظره مع ما هنا سلمنا أن كم الخبرية تعلق فلا نسلم أن سل هنا تعلق بل مفعوله الثاني محذوف أي سل بني! إسرائيل عما آتيناهم. من الآيات ثم استأنف لإفادة أنها كثيرة قوله كم آتيناهم ولا تجعل كم مفعولاً ثانياً لسل لأن لها الصدر قوله: (أن كم الخبرية تعلق) أي: وكم وهنا علقت سل عن مفعوله الثاني عن كل من الاحتمالات الثلاثة قوله: (وجوز بعض زيادة من) إشارة بهذا إلى أن كلامه السابق مبني على قول ضعيف كما أشار له بقوله وإنما تزاد بعد الاستفهام بهل لا بكم.
  قوله: (أو على قوله من يشترطه) أي: كون الكلام الذي تزاد فيه غير موجب، وقوله في غير التمييز أي، وأما في التمييز فلا يشترط كون الكلام غير موجب والأولى حذف هذا القيل لأن من آية ليس تمييزاً لكم بل مفعول ثانٍ لآتيناهم عند جعل من زائدة كما مر تأمل. قوله: (كثير منهم) بدل بعض لأن الكثير بعض الرابط ضمير منهم. قوله: (قتال فيه) بدل من الشهر الحرام والرابط ضمير فيه قوله: (من استطاع) بدل من الناس بدل بعض. قوله: (النار) بدل اشتمال من الأخدود قوله: (خلف عن الضمير) أي: فقوله إلا الضمير