السادس والسابع: واوان ينجر ما بعدهما
السادس والسابع: واوان ينجرُّ ما بَعْدَهما.
  إحداهما: واو القسم، ولا تدخل إلا على مظهر، ولا تتعلق إلا بمحذوف، نحو: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ٢}[يس: ٢] فإنْ تَلَتْها واو أخرى، نحو: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ١}[التين: ١] فالتالية واو العطف، وإلا لاحتاج كل من الاسمين إلى جواب.
  الثانية: واو «رُبَّ»، كقوله [من الطويل]:
  ٥٨٤ - وَلَيْل كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ ... [عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الْهُمُومِ لِيَبْتَلِي]
  ولا تدخل إلا على منكر ولا تتعلق إلا بمؤخّر، والصحيح أنها واو العطف، وأن الجرَّ بـ «ربّ» محذوفة خلافاً للكوفيين والمبرد، وحُجَّتهم افتتاح القصائد بها كقول رؤبة [من الرجز]:
  وَقَاتم الأَعْمَاقِ خَاوِي المُخْتَرَقْ
  وأجيب بجواز تقدير العطف على شيء في نفس المتكلم، ويوضح كونها عاطفة أن واو العطف لا تدخل عليها كما تدخل على واو القسم، قال [من الطويل]:
  واجب. قوله: (كما سيأتي) أي: في الباب الرابع مبحث العطف على المعنى. قوله: (ولا تتعلق إلا بمحذوف) أي: وجوباً تقديره أقسم ولا تجاب بإنشاء لما سبق أن القسم في من خواص الباء نحو بالله أفعل كذا قوله: (وإلا لأحتاج) أي: وإلا بأن كانت للقسم أي كالقسم الأول في كونه مستقلاً بخلاف ما إذا جعلت للعطف فإنه وإن كان المعطوف قسماً إلا أنه غير مستقل. قوله: (لاحتاج كل من الاسمين إلى جواب) أي: مع أنهم إنما يذكرون جواباً واحداً ويمكن أن يقال أنها للقسم وحذف جواب أحدهما لدلالة جواب الآخر عليه على أنه لا مانع من توارد قسمين على مقسم به واحد. قوله: (ولا تتعلق) أي: على القول بأنها تتعلق والحق أن رب حرف جر شبيه بالزائد لا يتعلق وتقدم تحقيق ما فيه، وقوله إلا بمؤخر أي في البيت المذكور. قوله: (افتتاح القصائد) أي: فلم يتقدم عليها ما تعطف عليه قوله: (في نفس المتكلم) أي: وحينئذ يكون الأصل ورب قول اقتحمته وقائم الأعماق الخ، وأما احتمال كون الراوي حذف من أول القصيدة شيئاً كما في الشمني فبعيد قوله: (لا تدخل عليها) أي: لأن حرف العطف لا يدخل على
٥٨٤ - التخريج: البيت لامراء القيس في (ديوانه ص ١٨؛ وخزانة الأدب ٢/ ٣٢٦، ٣/ ٣٧١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٧٤، ٧٨٢؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٧٢؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٣٣٨؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٧٥؛ وشرح الأشموني ٢/ ٢٠٠).
اللغة والمعنى: السدول الستر. ليبتلي: ليمتحن ويختبر.
يقول: ربّ ليل يحاكي موج البحر قد أرخى ستور ظلامه علي ليختبر شجاعتي وصبري على نوائب الدهر وأحزانه.