حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثاني: المعطوفة بالحرف

صفحة 491 - الجزء 2

  [المائدة: ١١٤] صفة لـ «مائدة؛ وجملة {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ}⁣[التوبة: ١٠٣] صفة لـ «صدقة»؛ ويحتمل أن الأولى حال من ضمير «مائدة» المُسْتتر في {مِنَ السَّمَاءِ} على تقديره صفة لها لا متعلقاً بأنزل؛ أو من {مَائِدَةً} على هذا التقدير؛ لأنها قد وصفت، وأن الثانية حال من ضمير {خُذْ}؛ ونحو: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي}⁣[مريم: ٥ - ٦] أي: وليا وارثاً، وذلك فيمن رفع {يَرِثُ}، وأما مَنْ جزمه فهو جواب للدعاء، ومثل ذلك {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي}⁣[القصص: ٣٤] قُراء برفع يصدق وجزمه.

  والثاني: المعطوفة بالحرف، نحو: «زيد منطلق وأبوه ذاهب»، إن قدرت الواو عاطفة على الخبر؛ فلو قدرت العطف على الجملة فلا موضع لها، أو قدرت الواو واو الحال فلا تبعية والمحل نضب.

  وقال أبو البقاء في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}⁣[الحج: ٦٣]، والأصل فهي تُصبح والضمير للقصة، و {تُصْبِحُ} خبره، أو


  قوله: (أي ولياً) أي: مهيأ للإيحاء فيصير نبياً وإلا فالنبوة لا تورث. قوله: (وارثاً) أي: بالقوة لا بالفعل لأنه مات قبله قوله: (فيمن رفع) أي: أنه صفة وقوله وأما من جزمه أي: جواباً للطلب. قوله: (جواباً للدعاء) وهو قوله فهب لأنه دعاء ولا يقال أمر تأدباً. قوله: (فتصبح الأرض مخضرة) فتصبح فعل والأرض فاعل وهذه الجملة إن جعلت مفسرة لضمير القصة أي: فهي تصبح كأن لها محل من الإعراب وهو الرفع وإن جعلتها عطفاً على أنزل بمعنى أصبحت فلا محل لها هذا حاصل كلام أبي البقاء، لكن يرد على الأول شيء وهو أن حذف ضمير القصة المبتدأ يلزم عليه حذف ما لم يعلم وهو ممنوع كالعائد الذي تصلح الجملة بعده لكونها صلة بخلاف إن. من أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون فإن عمل إن يقتضيه.

  قوله: (فتصبح) بالرفع بناء على أن الاستفهام بمعنى الخبر أي أنت قد رأيت أنزل الله الماء من السماء فتصبح الخ وإذا كان الاستفهام بمعنى الخبر فلا يكون له جواب فلا ينصب حينئذ الفعل وأيضاً إنما لم ينصب الفعل لأن ما بعد الفاء لا ينتصب إلا إذا كان المستفهم عنه سبباً له ورؤيته لإنزال الماء لا يوجب اخضرار الأرض وإنما يجب عن الماء والماء ليس مستفهماً عنه قوله: (فهي تصبح) اعلم أن ضمير القصة والشأن المراد منهما شيء واحد من حيت إن ضمير الشأن هو ما بعده جملة مخبر بها عنه مفسرة له وكذلك ضمير القصة لكن يختلفان من حيث إن الجملة إن كان فيها مؤنث ليس فضلة أتى بالضمير مؤنثاً ويقال له ضمير القصة كما هنا فإن الأرض مؤنث وفاعل ونظيره هي هند المليحة يرد فإنها لا تعمى الأبصار فإنه إنما أنت قصداً أي المطابقة لا لكونه راجعة لمؤنث وإن كانت الجملة فيها مذكر وليس بفضلة جعل مذكراً ويقال له ضمير الشأن نحو قل هو الله أحد قوله: (وتصبح خبره) أي: فالجملة لها محل.