حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لولا) على أربعة أوجه:

صفحة 156 - الجزء 2

  والثالث: أن تكون للتوبيخ والتنديم، فتختص بالماضي، نحو: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}⁣[النور: ١٣]، {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً}⁣[الأحقاف: ٢٨]، ومنه {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا}⁣[النور: ١٦]، إلا أن الفعل أُخْرَ، وقوله [من الطويل]:

  ٤٤٤ - تَعُدُّونَ عَفَرَ الدِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمُ ... بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلَا الْكَمِي الْمُقَنَّعا


  طلب بلين، أي كما في الآية الثانية. قوله: (والثالث) أي: والوجه الثالث من الأوجه الأربعة التي للولا. قوله: (لولا جاؤوا عليه) أي: لا ينبغي عدم المجيء بأربعة شهداء يشهدون على الزنا، فالقصد توبيخهم على ترك الإشهاد عليه فيما مضى. قوله: (فلولا نصرهم) أي: لا ينبغي للذين اتخذوهم دون الله آلهة عدم نصرتهم لهم ودفع العذاب. قوله: (الذين اتخذوا) مفعوله الأول ضمير يعود على الموصول، أي: اتخذوهم وقوله: قرباناً مفعوله الثاني، وآلهة بدل منه أي: فهلا نصرهم بدفع العذاب عنهم الأصنام الذين اتخذوهم غير الله قرباناً أي: متقرباً بهم إلى آلهة معه. قوله: (ومنه ولولا إذ سمعتموه) أي: هلا حين سمعتموه، أي: الإفك قلتم ما يكون أي: ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا بل صرتم تتلقونه بألسنتكم ويرويه بعضكم عن بعض فالقصد توبيخهم على عدم قولهم ذلك. قوله: (إلا أن الفعل) أي: الموبخ عليه وهو القول مؤخر عن لولا. قوله: (وقوله) أي: قول جرير.

  قوله: (عقر النيب) جمع ناب الناقة المسنة لعظم نابها والضوطرى الحمقى والكمي الشجاع يكمي شجاعته أي: يخفيها والمقنع، أي: الذي عليه المغفر والبيضة كان غالب أبو الفرزدق فاخر سحيم بن وثيل الرياحي في نحر الإبل والإطعام حتى نحر مائة ناقة فنحر سحيم ثلثمائة ناقة وقال للناس: شأنكم بها فقال علي بن أبي طالب هذه مما أهل به لغير الله فلا يأكل منها أحد شيئاً فأكلتها السباع والطيور والكلاب فكان الفرزدق يفتخر بذلك في


٤٤٤ - التخريج: البيت لجرير في (ديوانه ص ٩٠٧؛ وتخليص الشواهد ص ٤٣١؛ وجواهر الأدب ص ٣٩٤؛ وخزانة الأدب ٣/ ٥٥، ٥٧، ٦٠، والخصائص ٢/ ٤٥؛ والدرر ٢/ ٢٤٠؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٧٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٦٩؛ وشرح المفصل ٢/ ٣٨، ٨/ ١٤٤؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٧٥؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٧٠ (إمّا لا)؛ وللفرزدق في الأزهية ص ١٦٨؛ ولسان العرب ٤/ ٤٩٨ (ضطر)؛ ولجرير أو للأشهب بن رميلة في شرح المفصل ٨/ ١٤٥؛ وبلا نسبة في الأزهية ص ١٧٠؛ والأشباه والنظائر ١/ ٢٤٠؛ والجنى الداني ص ٦٠٦؛ وخزانة الأدب ١١/ ٢٤٥؛ ورصف المباني ص ٢٩٣؛ وشرح الأشموني ٣/ ٦١٠؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢١؛ وشرح المفصل ٢/ ١٠٢؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٦٤، ١٨٢).

اللغة: العقر: النحر أو الذبح. النيب: ج ناب وهي الناقة المسنّة وطرى: المرأة الحمقاء. الكمي: الفارس المدجج بالسلاح.

المعنى: يهجو الشاعر قوم الفرزدق فيقول: إن أفضل ما يقومون به هو نحر ناقة مسنة، فهل لهم قدرة على التصدي للفارس المدجج بالسلاح؟!