وقول الخليل
  وقول الخليل في قوله [من الوافر]:
  أَلَا رَجُلاً جَزَاهُ اللَّهُ خَيْراً ... [يَدُلُّ عَلَى مُحَصِّلَةٍ تَبِيتُ]
  إن التقدير «ألا تُرُوني رجلا» مع إمكان أن يكون من باب الاشتغال، وهو أولى من تقدير فعل غير مذكور، وقد يجاب عن هذا بثلاثة أمور:
  أحدها: أن «رجلا» نكرة، وشرط المنصوب على الاشتغال أن يكون قابلاً للرفع بالابتداء، ويجاب بأن النكرة هنا موصوفة بقوله:
  يَدُلُّ عَلَى مُحَصْلَةٍ تَبِيتُ
  الثاني: أن نصبه على الاشتغال يستلزم الفَصْلَ بالجملة المفسّرة بين الموصوف والصفة، ويُجاب بأنَّ ذلك جائز كقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}[النساء: ١٧٦].
  الثالث: أن طلب رجل هذه صفته أهمّ من الدعاء له؛ فكان الحمل عليه أولى.
  قوله: (وقول الخليل) قد يجاب عنه بأنه إنما ارتكب خلاف الأصل لمقتض وذلك أن شرط المنصوب على الاشتغال لا بد من صحة رفعه على الابتداء ورجل لا يصح رفعه على الابتداء على أن الشاعر لم يرد أن يدعو لرجل هذه صفته، وإنما قصده طلبه وحينئذ فتقدير الخليل أولى من تقدير غيره قوله: (إلا رجلاً جزاه الله خيراً) هذا صدر بيت وتمامه:
  يدل على محصلة تبيتُ
  قوله: (وهو) أي: إن نصب رجلاً في هذا البيت على الاشتغال وهو النصب بمحذوف مفسر بمذكور أولى من نصبه بمحذوف غير مفسر بمذكور لأنه خلاف الظاهر. قوله: (وقد يجاب عن هذا) أي: الاعتراض الأخير وهو قولنا إن نصب رجلاً على الاشتغال أولى من نصبه بمحذوف غير مفسر بمذكور. قوله: (نكرة) أي: خالية من مسوغات الابتداء: قوله: (قابلاً للرفع بالابتداء) بأن يكون معرفة أو نكرة لها مسوغ وهنا ليس كذلك، وحينئذ فيكون تقدير الخليل أي جعله منصوباً بمحذوف غير مفسر بمذكور أولى. قوله: (بأن النكرة هنا موصوفة) أي: وحينئذ فهي قابلة للرفع بالابتداء. قوله: (إن امرؤ هلك ليس له ولد) أي: فقد فصل بالجملة المفسرة وهي هلك بين الموصوف أعني امرؤ وصفته أعني ليس له ولد قوله: (هذه صفته) يعني يدل جملة جزاه الخ، فهي معترضة للدعاء على هذا والحاصل أن قصد الشاعر أنهم يرون رجلاً ويدلونه عليه موصوفاً يكونه يدل على محصلة تبيت وليس قصده الدعاء للرجل الموصوف بهذه الصفة لأن الأول أهم من الثاني، وحينئذ فالحمل عليه أولى.
  قوله: (فكان الحمل عليه أولى أي والحمل عليه يكون بجعل النصب بمحذوف