حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· الباء المفردة

صفحة 273 - الجزء 1

حرف الباء

  · الباء المفردة - حرف جر لأَرْبَعَةَ عَشَرَ مَعنى:

  أولها الإلصاق، قيل: وهو معنى لا يفارقها، فلهذا اقتصر عليه سيبويه، ثم الإلصاق حقيقي كـ «أمْسَكْتُ بزيد» إذا قبضت على شيء من جسمه، أو على ما يحبسه من يد أو ثوب ونحوه؛ ولو قلت: «أمسكته» احتمل ذلك أن تكون منعته من التصرف؛ ومجازي نحو: «مررت بزيد» أي ألصفتُ مروري بمكان يقرب من زيد. وعن الأخفش أن المعنى مررت على زيد بدليل {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ١٣٧}⁣[الصافات: ١٣٧].


حرف الباء

  قوله: (حرف جر) أي: تعمله والمراد بالجر أحد أنواع الإعراب كما قالوا حرف نصب وحرف جزم وقيل: المراد بكونها حرف جر أنها تجر معاني الأفعال للأسماء أي تعديها لها. قوله: (الأربعة عشر) أي تأتي لأربعة عشر قوله: (لا يفارقها) أي: في شيء من موارد استعمالها فيظهر بذلك أنه معناها الأصلي الموضوعة له. قوله: (لا تفارقها) هذا إنما يظهر في الإلصاق بمعنى مطلق التعلق مع أنه لا يعد معنى مستقلاً ولا يخص الباء لأنه محصل التعدية العامة. قوله: (ثم الإلصاق الخ). هو اتصال شيء بشيء سواء كانا معنيين أو كان معنى، وذاتاً فيشمل بزيد داء فإن زيداً ذات وهذا أحسن من قول بعض هو إيصال معنى لمعنى فلا يشمل حينئذ مررت بزيد قوله: (ثم الإلصاق) هذا تفسير للإلصاق الخاص وهو وصول شيء لشيء وحاصله أن معنى العامل إذا وصل للمجرور حقيقة فالإلصاق حقيقي بأن ماسه، وإن كان مماساً لما يقرب من المجرور فمجازي. قوله: (أو على ما يحبسه) أي: غير ما هو من جسمه فالعطف مغاير فلا يقال إن فيه عطف العام على الخاص بأو. قوله: (أو على ما يحبسه) لا يخفى إن الإلصاق بزيد حيث يقبض على شيء من جسمه حقيقي، وأما في الثاني حيث تمسك بما هو لابسه من ثوب ونحوه فالإلصاق فيه مجازي لا حقيقي إذ القبض على ثوبه ليس قبضاً عليه نفسه حتى لا يكون الإلصاق حقيقياً، وإنما هو إلصاق بما يجاوره ويقرب منه فهو إلصاق مجازاً لما بينهما من المجاورة اهـ دماميني ونازعه الشمني بأن أهل اللغة لم يدققوا هذا التدقيق. قوله: (احتمل ذلك) المعنى أي قبضت على شيء من جسمه قوله: (ومجازي) كأنه بمعنى خلاف الأصل أو مجاز بالحذف أي بمقارب زيد أو إنه عقلي في النسبة الإيقاعية قوله: (مررت على زيد) أي: فالباء عنده في هذا المثال ليست للإلصاق وإنما هي للاستعلاء ولكن هذا يخالف ما في شرح اللب من أنه لا يقال مررت عليه إلا إذا جاوزته بكثرة السير فكأنك ما استعليت عليه وصرت فوقه في السير أو كان المرور من مكان مرتفع. قوله: (بدليل وإنكم الخ)