ورد ابن مالك قول هؤلاء بأنه قد جاءَ اسماً مشتقاً، كقوله [من الرجز]:

  ٤٣٥ - لو أنَّ حَيَّا مُدْرِكُ الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح

  وقد وجدت آية في التَّنزيل وقعَ فيها الخبر اسماً مشتقا، ولم يتنبه لها الزمخشري، كما لم يتنبه لآية لقمان، ولا ابن الحاجب وإلا لما منع من ذلك، ولا ابن مالك وإلا لما استدل بالشعر، وهي قوله تعالى: {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ}⁣[الأحزاب: ٢٠]، ووجدت آية الخبرُ فيها ظرف لغو وهي: {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ ١٦٨}⁣[الصافات: ١٦٨].

  المسألة الثالثة: لغلبة دخول «لو» على الماضي لم تجزم، ولو أُريد بها معنى «إن» الشرطية؛ وزعم بعضهم أن الجزم بها مطَّرِد على لغة، وأجازه جماعة في الشعر منهم ابن الشجري، كقوله [من الرمل]:

  ٤٣٦ - لَوْ يَشَأْ طَارَ بِهِ ذُو مَيْعَةِ ... لَاحِقُ الآطَالِ نَهد ذُو خُصَلْ

  قوله: (قول هؤلاء) أي: ابن الحاجب ومن معه. قوله: (كقوله) أي: لبيد. قوله: (مدرك) أي: فهو اسم فاعل وهو مشتق، وقوله: ملاعب الرماح هو أبو عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب، يقال له: ملاعب الأسنة، وإنما قال الرماح للضرورة والبيت للبيد بن عامر العامري وملاعب الأسنة عمه. قوله: (يودوا لو أنهم بادون) فيه أن كلامنا في لو الشرطية وهي في هذه الآية إما مصدرية كما يقال الرضى داخله على ثبت محذوفاً أو أنها للتمني حكاية لودادتهم وأتى بالغيبة؛ لأنهم مخبر عنهم ومفعول يودوا محذوف، أي: بدوهم وقد أخرج ابن الحاجب هذه الآية في منظومته فقال:

  لو أنهم بادون في الإعراب ... لو للتمني ليس من ذا الباب

  فكيف يقال إنه لم يطلع عليها قوله: (ولو أريد بها معنى إن الشرطية) وهو التعليق في المستقبل. قوله: (طار به) أي: بالفارسي وقوله: ذو ميعة أي: حصان وذو ميعة

٤٣٥ - التخريج: الرجز للبيد بن ربيعة في (ديوانه ص ٣٣٣؛ وجمهرة اللغة ص ٥٥٥؛ وخزانة الأدب ١١/ ٣٠٤؛ والدرر ٢/ ١٨١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٦٣؛ ولسان العرب ١/ ٧٤١ (لعب)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٤٦؛ ولبنت عامر بن مالك في الحماسة الشجرية ١/ ٣٢٩؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٢؛ وهمع الهوامع ١/ ١٣٨).

اللغة: الفلاح: النجاح. ملاعب الرماح هو عم الشاعر.

المعنى: لو أن إنساناً ناجحاً شجاعاً في هذه الدنيا قد أثبت بها وجوده لفاز عليه عمي الشجاع المقدام الملقب بملاعب الأسنة.

٤٣٦ - التخريج: البيت لعلقمة الفحل في (ديوانه ص ١٣٤؛ ولامرأة من بني الحارث في الحماسة البصرية ١/ ٢٤٣؛ وخزانة الأدب ١١/ ٢٩٨، ٣٠٠؛ والدرر ٥/ ٩٧؛ وشرح ديوان الحماسة =