حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: أن تكون حرف جر

صفحة 404 - الجزء 1

  وهي على حقيقتها، أي إني تثبطتُ عن ذكر ربي، وعلى هذا فـ «حب الخير» مفعول لأجله.

  الرابع: التعليل، نحو: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ}⁣[التوبة: ١١٤]، ونحو: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ}⁣[هود: ٥٣]؛ ويجوز أن يكون حالاً من ضمير «تاركي» أي: ما نتركها صَادِرين عن قولك، وهو رأي الزمخشري؛ وقال في {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا}⁣[البقرة: ٣٦]: إن كان الضمير للشَّجرة فالمعنى حَمَلَهُما على الزلة بسببها، وحقيقته أَصْدَر الزلة عنها؛ ومثله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}⁣[الكهف: ٨٢] وإن كان للجنة فالمعنى نَحاهما عنها.

  الخامس: مُرادفة «بعد»، نحو: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ٤٠}⁣[المؤمنون: ٤٠]،


  قوله: (وهي) أي: عن على حقيقتها الخ. قوله: (تثبطت) أي: شغلت. قوله: (إلا عن موعدة) أي: لأجل موعدة ويحتمل أن المعنى إلا صادراً عن موعدة. قوله: (عن قولك) أي: لأجل قولك قوله: (ويجوز أن يكون حالاً) أي: متعلقاً بحال فالحال هو صادرين وهو الحال من الياء في تاركي وعليه فتكون عن باقية على حالها. قوله: (صادرين عن قولك) انظر ما معنى الصدور عن قولك، فلو جعل عن قولك متعلقاً بمصدر محذوف أي تركاً صادراً عن قولك لكان أحسن والظاهر أن معنى صادرين معرضين اهـ تقرير دردير.

  قوله: (فالمعنى) أي: المراد من هذا الكلام قوله وحقيقته أي: ومعناه الحقيقي والضمير في أصدر للشيطان وفي عنها للشجرة، ولما كان هذا المعنى الحقيقي لا يصح؛ لأن الشيطان لا يخلق شيئاً والخالق للطاعات والمعاصي كلها والمصدر لها إنما هو الله قبل المعنى حملها على الزلة بسببها اهـ تقرير دردير قوله: (حملهما) أي: آدم وحواء. قوله: (بسببها) أي: فعن للتعليل. قوله: (وحقيقته) أي: حقيقة فأزلهما الشيطان، أي: حقيقة هذا التركيب وهذا الكلام قوله: (أصدر) أي: الشيطان الزلة فيهما عنها، أي: عن الشجرة. قوله: (ومثله) أي: مثل أزلهما الشيطان في معناه الحقيقي ما فعلته عن أمري أي: ما صدر ما فعلته عن أمري أي عن اجتهادي ورأيي وإنما فعلته بأمر الله تعالى، وإن كان المعنى الحقيقي في الأولى غير مراد، ومراداً في الثانية. قوله: (وإن كان) أي: الضمير في فأزلهما قوله: (نحاهما عنها) أي: أذهبهما عنها كما تقول زل عن مرتبته وزل عني إذا ذهب عنك. قوله: (مرادفة بعد) أي: موافقتها لا حقيقية المرادفة؛ لأن المرادفة لا تكون من نوعين والموافقة أن يكون معنى الكلمتين واحداً والمراد فأكون اللفظين معناهما واحد، ولا شك أن معنى الاسم غير معنى الحرف؛ لأن البعدية تفهم من الاسم بمجرد ذكره وهي بعدية مطلقة بخلاف معنى الحرف، فإنها بعدية جزئية، ولا تفهم إلا بعد ذكر المتعلق فالمعنيان متوافقان في اللفظ أن هذه بعدية وهذه بعدية اهـ تقرير دردير. قوله: (عما قليل) أي: فبعد قليل فالبعدية إنما استفيدت من انضمام مجرورها بخلاف لفظ