تنبيه - قال الطبري
  تنبيه - قال الطبري في قوله تعالى: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ}[يونس: ٥١]: معناه أهنالك، وليست «ثم» التي تأتي للعطف، انتهى. وهذا وهم اشتبه عليه ثُمَّ المضمومة الثاء بالمفتوحتها.
  · (ثَمَّ) بالفتح - اسم يُشار به إلى المكان البعيد، نحو: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ ٦٤}[الشعراء: ٦٤]، وهو ظرف لا يتصرف؛ فلذلك غُلط من أغربه مفعولاً لـ «رأيت» في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ}[الإنسان: ٢٠]، ولا يتقدّمه حرف التنبيه ولا يتأخر عنه كاف الخطاب.
  فهذا الذي أجازه الزجاج في الآية نظير ما أجازه ابن مالك في الحديث مع أنه يرد في الآية مثل ما أورده النووي في الحديث، وذلك بأن يقال النهي عن الجمع بين اللبس والكتمان يلزم عليه جواز اللبس بدون الكتمان والعكس كما في لا تأكل السمك وتشرب اللبن، والجواب أن النهي عن الجمع إن دل بالمفهوم على جواز فعل البعض فإنما هو حيث لم يقم دليل على المنع والدليل هنا قائم فإنه قد علم أن كلا من هذين الأمرين قبيح غير أنه إنما جمع بينهما لإظهار قبح أفعالهم من حيث كونهم جامعين بين الفعلين اللذين إذا انفرد كل منهما كان مستقلاً بالقبح والشناعة. قوله: (قال الطبري) هو الإمام محمد بن جرير الطبري نسبة لطبرستان قوله (انتهى) أي: انتهى كلامه وهذا صريح لا يقبل تأويلاً ولا شك أنه سهو قوله: (وهذا وهم الخ) أي: وإنما التي في الآية عاطفة لجملة الاستفهام على ما قبلها أعني ماذا يستعجل منه المجرمون وزحلقت الهمزة عن محلها تنبيهاً على أصالتها في التقديم أو عاطفة على محذوف كما سبق أي أتكفرون به ثم إذا ما وقع الخ.
  (ثم بالفتح). قوله: (يشار به إلى المكان البعيد) وكثيراً ما يستعمله المصنفون وقد يتراءى أنهم استعملوه للقريب فإنهم يذكرون قاعدة ويقولون على أثرها ومن ثم كان كذا وكذا وكأنهم نزلوا المتقدم منزلة البعيد لانقضائه والفراغ منه أو عدوه بعيد المنزلة باعتبار شرفه. قوله: (وأزلفنا) أي: قربنا ثم أي هنالك وقوله وهي ظرف أي مكان وقوله: لا يتصرف أي لا يستعمل غير ظرف ولا يجر بغير من قوله: (فلذلك غلط الخ) وجه الغلط في جعله مفعولاً به إخراجاً له عما وضع له من ملازمة الظرفية وإنما هو ظرف. قوله: (من أعربه مفعولاً) أي: به وإنما هو ظرف أي وإذا رأيت هنالك أي في ذلك المكان وهو الجنة والفعل منزل اللازم أي إذا وقعت رؤيتك في الجنة رأيت نعيماً وملكاً كبيراً أو المفعول محذوف أي وإذا رأيت نظامهم في الجنة. قوله: (ويتقدمه حرف التنبيه) أي: فلا يقال ها ثم إجراء له في المنع مجرى ذلك المقرون باللام لأنه بمثابته في البعد. قوله: (ولا يتأخر عنه كاف الخطاب) فلا يقال ثمك كما يقال ذلك؛ لأن ثم تدل على البعد بذاتها فلا حاجة إلى إدخال ما يفيده فيها اهـ دماميني.